للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد بغير شك، واعتباره أنهم يقولون: شَفْحَا، لإلاهيا إذا أرادوا أن يقولوا: الحمد لله.

فإذا كان الحمد شَفْحَا، فمشفَّحٌ محمد، ولأن الصفات التي أقروا أنها هي؛ وفاق لأحواله وزمانه ومخرجه ومبعثه وشرعته، فليدلونا على من له هذه الصفات، ومن خرت الأمم بين يديه وانقادت لطاعته، واستجابت لدعوته، ومن صاحب الجمل الذي هلكت بابل وأصنامها به، وأين هذه الأمة من ولد قيدار بن إسماعيل، والذين ينادون من رؤوس الجبال بالتلبية وبالأذان، والذين جعلوا له الكرامة، وبثوا تسبيحه في البر والبحر، هيهات أن يجدوا ذلك إلا في محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته.

ولو لم آت بهذه الأنباء والقصص من كتبهم! ألم تك مما أودع الله للعقل، ودليل على ما أودعها من ذكره، وفي تركهم وجحد ذلك وإنكاره وهو يقرعهم به؛ دليل على اعترافهم له، فإنه - عز وجل - يقول: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: ١٥٧].

ويقول عن المسيح: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦]، ويقول: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٧٠، ٧١]، وقال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} [الأنعام: ٢٠]، وقال: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣]، وقد كان رسول الله يدعوهم إلى اتباعه وتصديقه، فكيف يجوز أن يحتج عليهم بباطل من الحجج، ثم يحيل

<<  <   >  >>