للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لم يزالوا يتوقعون حادثة تحدث؛ حتى كتب النعمان بن المنذر بظهور رسول الله، وما يدعو إليه.

ورأيت في بعض كتبهم: أن كتاب النعمان بن المنذر ورد بذلك، في يوم كان كسرى خلا فيه بلذته ولهوه، وأمرهم أن لا يُنهوا إليه فيه خبر يسوؤه، ولا يُوصل إليه كتابًا من أحد من عماله؛ ليأمن على شروره، قالوا: فبينما هو كذلك، إذ سمع صوت البريد. فسأل عنه، فقيل: كتاب عامل السواد، فتعلق قلبه به، وقال له: ما أرى إلا أن تعلق قلبي بما أوردته حتى أعلمه، أعظم علي مما فيه، فأوصلوا الكتاب إليه فقرأه، فإذا كتاب العامل إليه يخبره فيه بأن الفرات أتى بمد لم نسمع بمثله، وأنه فاض فغرق زرع الناس ومنازلهم، وأفسد ثمارهم، فغمه ما بالرعية من الضرر في أموالهم، وما نال جنوده بذهاب الخراج؛ الذي يجبى إليه من السواد لهم، فسهل عليه وزراؤه ذلك، ونسبوا للجنود أموالًا من وجوه كثيرة، وعاد إلى لهوه، ثم سمع صوت بريد آخر، فسأل عنه، فقالوا: كتاب العامل على ثغر أرمينية، فتعلق قلبه به، ثم أمر بإفضاض الكتاب؛ فإذا فيه أن الجنود شغبوا على عاملهم فقتلوه، واستباحوا ما قبله من الأموال، وجاهروا بالمعصية، فعدّ ذلك أيضًا، ثم سهل عليه وزراؤه الأمر، وتضمنوا له إصلاح الناحية؛ بغير جيش ينقله حتى يعود الجند إلى الطاعة، وعاد إلى لهوه.

ثم سمع صوت بريد آخر، فأمر بأخذ كتابه وقرأ؛ فإذا كتاب النعمان يخبره فيه بأن خارجًا نجمٌ بتهامة، يخبر أنه رسول إله السماء والأرض، إلى أهل الأرض كافة، فقطع بذلك وأكبره، وعلم أنه الذي كان يتوقعه ويراه في منامه.

<<  <   >  >>