الزائر بروحه إلى الميت، ويعكف بهمته عليه * ويوجه قصده وإقباله إليه * بحيث لا يبقى فيه التفات إلى غيره، وكلما كان جمع الهمة والقلب عليه أعظم كان أقرب إلى انتفاعها، وقد ذكر هذه الزيارة على هذا الوجه ابن سينا، والفارابي وغيرهما؛ وصرح به عباد الكواكب؛ وقالوا: إذا تعلقت النفس الناطقة بالأرواح العلوية فاض عليها منها نور؛ ولهذا السر عبدت الكواكب، واتخذت لها الهياكل وصنفت لها الدعوات، واتخذت لها الأصنام، وهذا بعينه هو الذي أوجب لعباد القبور اتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، وتعليق الستور عليها، وإيقاد السرج عليها، وإقامة السدنة لها، ودعاء أصحابها، والنذر لهم، وغير ذلك من المنكرات، والله هو الذي بعث رسله، وأنزل كتبه لإبطاله، وتكفير أصحابه، ولعنهم، وأباح دماءهم وأموالهم، وسبى ذراريهم، وهو الذي قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إبطاله،