ثم ما كفاه ذلك حتى استخفهم، فدعاهم إلى أن يطلبوا منهم النصر على الأعداء * والشفاء من عضال الداء *
فأجابوه إلى ما دعاهم (إليه) مسرعين * وزادوا على ذلك بأن طلبوا منهم بقاء الحياة لأولادهم، فتراهم يقولون *:
قد علقنا أولادنا عليهم.
ومنهم من يطلب منهم النسل إذا كان عقيمًا * والشفاء إذا كان سقيمًا * وكثير منهم يطلب منصبًا فيه أخذ أموال العباد * والسعي في الأرض بكل فساد * فيجيء إليهم ويلازمهم معتقدًا: أن من لازمهم قضيت حاجته *، ونجحت سعايته * واقتربت سعادته *، وإذا فتحت بيوت قبورهم المذهبة * ورفعت ستور الأبواب المطلية المطرزة * وفاحت تلك الروائح المسكية من الجدران المخلقة * - وجد هذا الزائر في فؤاده من الخشية والرهب - ما لا يجد معشار جزء من عشرة بين يدي خالق السماوات والأرضين * وإله جميع العالمين *؛ فيدخل إلى القبر خاشعًا * ذليلًا متواضعًا * لا يخطر في قلبه مثقال ذرة من غير إجلاله * منتظرًا فيض كرمه ونواله *.
فأقسم بالله! أنه لم يتصوره بشرًا قد وضع بأكفانه في لحده، ولو سلمنا: أنه خطرت له - وهو عنده - تلك الخطرة - لتعوذ بالله منها، ووقف عند حده.
ويا مصيبة من أنكر عليهم حالهم * ويا شناعة من رد عليهم أمرهم * ويا خسارة من علمهم وأرشدهم * فإن ذلك عندهم قد تنقص حق الأولياء * وهضمهم مرتبتهم من السمو والارتقاء *.