للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض مدبرا، ومتصرفا يتصرف فيه من هؤلاء الأولياء، وطريقة التصرف: أن الله تعالى يصدر الأوامر إلى هذا الولي ويكون هذا الولي موظفا لتطبيق تلك الأوامر وتنفيذها، فوضع البلاد من الاضطراب والسكون مرتبط بطبيعة ذلك الولي المدير لتلك البلاد، وحسب مزاج ذلك الولي المتصرف فيها:

فإذا كان الولي المتصرف في بلد صاحب الجلال والنشاط والحركة والشدة؛ تكون في ذلك البلد انقلابات واضطرابات وأخذ ورد، أما إذا كان الولي المتصرف في بلد هينا لينا يكون السكون هو السائد على ذلك البلد كما هو المشاهد.

فالمتصرفون في البلاد نوعان؛ نوع من حيث الشدة في المزاج، ونوع من حيث اللين في المزاج.

والآن أضرب مثالين:

المثال الأول: هو أن رجلا من محبوبي الله تعالى نزل مدينة بخارى، فرأى أن الأمن والاستقرار سائدان على هذه المدينة، فأراد أن يفتش عن ولي مدبر متصرف في هذه المدينة، فبينما هو كذلك، إذ رأى رجلا في السوق يبيع الكراث، - وكان متصرفا ومدبرا لهذه المدينة-، فسلم هذا الولي الزائر عليه ودفع إليه شيئا من المال ليشتري منه حزمة من الكراث، فهذا البائع للكراث - الذي كان متصرفا في هذه المدينة- عمد إلى أحسن نوع من الكراث وأعطاه حزمة جيدة.

فغضب هذا الولي المشتري وقال للولي البائع المدبر لهذه المدينة: إن كل ما عندك من الكراث فاسد غير صالح. فقال الولي البائع للولي المشتري: لا تغضب ولا تحزن أعطيك حزمة أخرى؛ فلما سمع الولي

<<  <  ج: ص:  >  >>