المشتري كلام البائع المتصرف في هذه المدينة عرف أنه هو المدبر القائم على تدبير هذه المدينة، وقبل يديه، وقال له: إن هذا الأمن والاستقرار السائدين في هذه المدينة لأجل أن في مزاجك لينا وسماحة وصبرا وتأنيا وحلما.
المثال الثاني: هو أن هذا الولي الزائر المذكور قد زار مدينة بخارى مرة ثانية بعد سنين متطاولة، فرأى فيها الانقلاب والاضطراب والهرج والمرج، فأراد أن يفتش عن الولي المدبر لهذه المدينة المتصرف فيها القائم بأمورها، فبعد تفتيش وسعي وتعب رأى رجلا سقاءً حاملا قربة ماء ليسقي الناس- وكان وليا متصرفا في هذه المدينة- فذهب إليه وقال له اسقني ماء. فهذا السقاء الولي المتصرف في هذه المدينة ناوله كأسا، ولكن هذا الولي الزائر قال له: إن ماءك غير صالح، وأريد منك ماءً طاهرا. فغضب هذا السقاء الولي المدبر لهذه المدينة لكونه جلاليا، وقال: هل ظننت بي أنني مثل ذلك الولي بائع الكراث.
فعلم هذا الولي الزائر أن هذا السقاء الجلالي هو المدبر لهذه المدينة القائم بأمورها؛ حيث إن ذلك الهرج والمرج والاضطراب مطابق لجلالية هذا الولي.
وبعد ذلك كله سلط ناس على مدينة بخارى فحرقوا المدارس والمكتبات وقتلوا العلماء وأبادوا الروحانيين [يعني الصوفية] ، وصاروا مهاجرين مثلكم [يعني أنتم الأفغان] ، فوقع في بال أحد محبوبي الله فقال لم وقعت مدينة بخارى في مثل هذه الكارثة بعد حضارتها وعظمتها؟ ثم رأى في توجهه الروحاني حضرت شاه نقشبند بهاء الدين مصرف البلاد الشمس المشرقة بعالم فخر قطر