فتعريفاتهم هذه فيها بعض الحق لا كله؛ لأنها في الحقيقة تعريفات لتوحيد الربوبية وتوحيد الصفات، أما توحيد الألوهية والعبادة - فلا شائبة له في هذه التعريفات ألبتة.
وهذا الانحراف السافر عن الجادة الصحيحة في معرفة التوحيد والجهل الواضح بحقيقة التوحيد الكامل الخالص - هو السبب الوحيد لانخراطهم في مهاوي أنواع من الشركيات بسبب عبادة القبور وأهلها وتأليه المشايخ وجعلهم أربابًا يعبدونهم من دون الله؛ حيث غفلوا عن حقيقة الألوهية، وفسروا توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية وجعلوه هو الغاية العظمى، مع أن توحيد الربوبية لم ينازع فيه أمثال أبي جهل من صناديد الكفرة والمشركين.
ولما كانت الأشياء تعرف بأضدادها، وتبين أن تعريف القبورية والكلامية للتوحيد باطل مزيف وأن الصحيح هو تعريف علماء الحنفية - الموافق لكلام بقية علماء السنة - وأن هذا التعريف يشمل عدة من الأنواع - ننتقل إلى المبحث الثاني لنعرف أنواع التوحيد.