الوجه الأول: أن يقال: لا ريب أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم وجود عطائي لا ذاتي وكذا رسالته صلى الله عليه وسلم أمر عطائي لا ذاتي، وهكذا القرآن الكريم عطاء من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فجميع علومه صلى الله عليه وسلم عطائية لا ذاتية، وإذا ثبت ذلك- فلا يمكن أن يعتقد أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم علم الغيب علما ذاتيا بالاستقلال، لأن الموصوف إذا كان عطائيا- فلا يعقل أن تكون صفاته ذاتية بالاستقلال دون العطاء، وهذا أمر ضروري معلوم ببداهة العقول.
الوجه الثاني: أن يقال: إن من قال: إن الله تعالى إله وخالق ورازق بالاستقلال وبالذات، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم إله، وخالق، ورازق بالعطاء، لا بالذات ولا بالاستقلال- فلا شك أنه كافر خارج عن ملة الإسلام، مرتد عن الدين، ومشرك شركا صراحا، وكافر كفرا بواحا؛ مع أنه لم يدع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالق ورازق وإله بالذات