للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاتك (١) .

وقال الكشميري: ((واعلم أن الرفع متواتر إسناداً وعملاً، ولم ينسخ منه ولا حرف)) (٢) .

فاحرص - أخي المصلّي - على سنّة نبيّك، وهي ((سنة متواترة)) على حد تعبير الإمام الذهبي (٣) - ودع عنك القيل والقال، وكثرة المراء والجدال، فقد وصل الخلاف في هذه المسألة عند الهمج الرّعاع أن همّوا بقتل فاضل من العلماء، وعالم من الفضلاء!!

قال ابن العربي المالكي: ولقد كان شيخنا أبو بكر الفهري يرفع يديه عند الركوع، وعند رفع رأسه منه، فحضر عندي يوماً بمحرس ابن الشوّاء بالثّغر، موضع تدريسي عند صلاة الظهر، ودخل المسجد من المحرس المذكور، فتقدّم إلى الصف الأول، وأنا في مؤخره قاعد على طاقات البحر، اتنسم الرّيح من شدّة الحر، ومعه في صف واحد أبو ثمنة رئيس البحر وقائده مع نفرٍ من أصحابه، ينتظر الصلاة.

فلما رفع الشيخ يديه في الركوع وفي رفع الرأس منه، قال أبو ثمنة لأصحابه: ألا ترون إلى هذا المشرقي، كيف دخل مسجدنا؟! فقوموا إليه فاقتلوه، وارموا به البحر، فلا يّراكم أحد. فطار قلبي من بين جوانحي، وقلت: سبحان الله هذا الطُّرطُوشي، فقيه الوقت!!

فقالوا لي: ولم يرفع يديه؟ فقلت: كذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل، وهو مذهب مالك في رواية أهل المدنية عنه (٤) ، وجعلت أسكنهم وأسكتهم حتى فرغ من صلاته، وقمت معه إلى


(١) أخرجه البخاري في ((جزء رفع اليدين)) : رقم (٣٩) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/٧٥) وإسناده صحيح، كما قال النووي في ((المجموع)) : (٣/٤٠٥) .
(٢) فيض الباري: (٢/٢٥٥) و ((نيل الفرقدين)) : (ص ٢٢) .
(٣) راجع: ((سير أعلام النبلاء)) : (٥/٢٩٣) .
(٤) * قال ابن عبد الحكم: لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلاَّ ابن القاسم، والذي نأخذ به الرفع. انظر: ((القوانين الفقيهة)) : (ص ٦٤) .

<<  <   >  >>