((أو ليخالفن الله بين قلوبكم)) فإن مثل هذا التهديد، لا يقال فيما ليس بواجب، كما لا يخفى.
الثانية: أن التسوية المذكورة، إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب، وحافة القدم بالقدم، لأن هذا هو الذي فعله الصحابة - رضي الله عنهم - حين أمروا بإقامة الصفوف (٢) .
ومن المؤسف أن هذه السنّة من التسوية، قد تهاون بها المسلمون، بل أضاعوها، إلا قليل منهم، فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث، فإني رأيتهم في مكة سنة (١٣٦٨) حريصين على التمسك بها، كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام، بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة ـ لا استثني منهم حتى الحنابلة ـ فقد صارت هذه السنّة عندهم نسياً منسيّاً، بل إتهم تتابعوا على هجرها، والإعراض عنها، ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصّت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع، فإن زاد كره، كما جاء
مفصّلاً في ((الفقه على المذاهب الأربعة)) : (١/٢٠٧) ، والتقدير المذكور لا أصل له في السنة، وإنما هو مجرد رأي، ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد، حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة، كما تقتضيه القواعد الأصوليّة.
أنني أُهيب بالمسلمين – وخاصة أئمة المساجد – الحريصين على اتباعه - صلى الله عليه وسلم -، واكتساب فضيلة إحياء سنته - صلى الله عليه وسلم -، أن يعملوا بهذه السنة، ويحرصوا عليها، ويدعوا الناس إليها، حتى يجتمعوا عليها
جميعاً، وبذلك ينجون من تهديد: أو ليخالفن الله بين قلوبكم)) (١) انتهى.
قلت: ما لم يفعل المصلّون ما فعله أنس والنعمان - رضي الله عنهما -، ستبقى