المراد بشرّ الصّفوف في الرّجال والنّساء: أقلها ثواباً وفضلاً، وأبعدها من مطلوب الشّرع، وخيرها بعكسه. وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال، لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم وتعلّق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم، ونحو ذلك. وذم أوّل صفوفهن لعكس ذلك، والله أعلم (٦) .
وقال العلماء في فوائد الصّف الأوّل: المسارعة إلى خلاص الذّمة، والسبق لدخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته والتعلّم منه، والفتح عليه، والتّبليغ عنه، والسّلامة من اختراق المارّة بين يديه، وسلامة البال مِنْ رؤية مَنْ يكون قدّامه، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلّين (١) .
وإن من المؤسف:
[١/٣٤] أن ترى بعض المبكّرين في الحضور إلى المسجد، لا يحرصون على الصفّ الأول، ويزهدون فيه، وبعضهم يعتقد أن الثّواب المذكور يتحصل عليه مَنْ أتى مبكراً، وإن لم يصلّ في الصّف الأوّل!! وهذا اعتقاد فاسد.
قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((واعلم أن الصف الأوّل الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله، والحثّ عليه، وهو الصف الذي يلي الإمام، سواء جاء صاحبه، متقدّماً أو متأخّراً، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا، هذا هو الصحيح، الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث،