ومعلوم أن كل أمر لا يتخلف عنه إلا منافق، كان واجباً على الأعيان. كخروجهم إلى غزوة تبوك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به المسلمين جميعاً، لم يأذن لأحدٍ في التخلّف، إلا من ذكر أن له عذراً، فأذن له لأجل عذره (٢) .
ويؤكد وجوب صلاة الجماعة: ما رواه مسلم في ((صحيحه)) انّ رجلاً أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخّص له، فلما ولّى دعاه فقال: هل تسمع النّداء؟ قال نعم. قال: فأجب (٣) .
والأمر المطلق للوجوب، فكيف إذا صرح صاحب الشرع بأنه لا رخصة للعبد في التخلّف عنه لضرير، شاسع الدار (٤) ، ((ليس له قائد يقوده إلى المسجد، بل وفي طريقه الأشجار والأحجار كما في بعض الروايات الصحيحة في الحديث، فهل هناك حكم اجتمع فيه مثل هذه القرائن المؤكّدة للوجوب، ومع ذلك يقال: هو ليس بواجب؟!)) (٥)