للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين غزاة في البحر [١] . عن إبراهيم بن محمد، عن يونس بن يوسف، عن ابن المسيب، قال: بعث عمر بن الخطاب علقمة بن محرز [٢] في أناس إلى الحبش، فأصيبوا في البحر، فحلف عمر بالله لا يحمل فيها أبدا [٣] .

أخبرنا معمر عن أيوب قال: كان رجل من جهينة يبتاع الرواحل فيغلي بها، فدار عليه دين حتى أفلس، فقام عمر على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا لا يغركم صيام رجل، ولا صلاته، ولكن انظروا إلى صدقه إذا حدّث، وإلى أمانته إذا أؤتمن، وإلى ورعه إذا أشفى، ثم قال:/ ألا إن الأسيفع، أسيفع جهينة، رضي من أمانته ودينه بأن يقال: سبق الأسيفع الحاج، فأدان معرضا، فأصبح قد رين به [٤] فمن كان له عليه شىء، فليحضرنا بالغداة، نقسم الذي له بينهم [٥] ، ثم إياكم والدّين، فان أوله همّ وآخره حرب [٦] .

أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين: أن رجلا من الأنصار وسّع لرجل من المهاجرين في داره، ثم إن الأنصاري احتاج إلى داره، فجحده المهاجر، فاختصما إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يكن للأنصاري بيّنة، فحلف المهاجر، ثم إن الأنصاري حضره الموت، فقال لبنيه: إنه رضي بها من الله، فاني رضيت بالله منها، وإنه سيندم فيردها عليكم، فلا تقبلوها، فلما توفي الأنصاري، ندم المهاجري، فجاء إلى بني الأنصاري، فقال: اقبلوا داركم، فأبوا، فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فذكروا أن أباهم أمرهم ألا يقبلوها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: (أيستطيع أن يحملها من سبع أرضين) ، ولم يأمر ولد الأنصاري أن يقبلوها.

أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال: كان للعباس بن عبد المطلب دار إلى جنب مسجد المدينة، فقال له عمر: بعينها، وأراد عمر أن يزيدها في المسجد، وأبى العباس أن يبيعها إياه، فقال عمر: هبها لي، فأبى، فقال عمر: فوسّعها أنت في المسجد، فأبى، فقال عمر: لابد لك من إحداهن، فأبى عليه، فقال: فخذ بيني وبينك رجلا، فأخذ أبيّ بن كعب، فاختصما إليه، فقال أبيّ لعمر: ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيه، فقال له عمر: أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله/ وجدته، أم سنة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال أبيّ: بل سنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال عمر: وما ذاك؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:

إن سليمان بن داود، لما بنى بيت المقدس، جعل كلما بنى حائطا، أصبح منهدما، فأوحى


[١] المصنف ٥/٢٨٣.
[٢] علقمة بن محرز بن الأعور الكناني المدلجي: كان قائدا مبرزا، صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، شهد اليرموك وكان عاملا لعمر على فلسطين، مات غريبا في طريقه إلى الحبشة سنة ٢٠ هـ. (الإصابة ٤/٥٥٩) .
[٣] المصنف ٥/٢٨٤.
[٤] رين به: مات، ووقع فيما لا طاقة له به ولا يستطيع الخروج منه. (اللسان: رين) .
[٥] في ب، ط، ل: الذي له بينهم وبينه.
[٦] ذكره صاحب القاموس في مادة (سفع) ، والحرب: الويل والهلاك.

<<  <   >  >>