للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله إليه، أن لا تبني في حق رجل حتى ترضيه، قال: فتركه عمر فوسعها العباس بعد ذلك في المسجد.

أخبرنا ابن عيينة عن بشر بن عاصم قال: سمعت ابن المسيب يقول: أراد عمر أن يأخذ دار العباس بن عبد المطلب، فيزيدها في المسجد، فأبى العباس أن يعطيها إياه، فقال عمر: لآخذنّها، قال: فاجعل بيني وبينك أبيّ بن كعب، قال: نعم، فأتيا أبيّا، فذكرا له، فقال أبيّ: أوحي إلى سليمان بن داود أن يبني بيت المقدس، وكانت أرضا لرجل [١] ، فاشترى منه الأرض، فلما أعطاه الثمن قال: الذي أعطيتني خير، أم الذي أخذت مني، قال: بل الذي أخذت منك، قال: فاني لا أجيز، قال: ثم اشتراها منه بشىء أكثر من ذلك، فصنع الرجل مثل ذلك مرتين أو ثلاثة، قال: فاشترط عليه سليمان: إني أبتاعها منك على حكمك، لا تسلني أيهما خير، قال: نعم، فاشتراها منه بحكمه، فاحتكم اثني عشر ألف قنطار ذهبا، فتعاظم ذلك سليمان أن يعطيه، فأوحي إليه: إن كنت تعطيه من شىء هو لك، فأنت أعلم، وإن كنت تعطيه من رزقنا، فاعطه حتى يرضى، قال: ففعل. قال: وإني أرى عباسا أحق بداره حتى يرضى، فقال العباس: فاذا قضيت لي، فاني أجعلها صدقة على المسلمين./

أخبرنا ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى، أو غيره قال: نزع عمر بن الخطاب ميزابا كان للعباس في المسجد، فقال العباس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضعه بيده، فقال عمر: فلا يكون لك سلّم إلا ظهري، قال: فانحنى له عمر، فركب العباس على ظهره حتى أثبته [٢] .

أخبرنا معمر عن ابن طاووس، عن أبيه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (عادي الأرض لله ورسوله، ثم لكم من بعدي، فمن أحيا من موتان الأرض شيئا فهو له) ، قال: فقيل لطاووس: كيف هذا؟ قال: يقطع لهم. وكان معمر يصل بهذا الحديث، فلا أدري أمن حديث طاووس هو، أو من حديث غيره. قال: وقطع النبي صلّى الله عليه وسلم لعيينة بن حصن أرضا، فلما ارتد عن الإسلام بعد النبي صلّى الله عليه وسلم، قبض منه، فلما جاء فأسلم كتب له فيها أبو بكر كتابا، أشهد له فيه عمر، فدفعه عيينة إلى عمر فشقه وألقاه، وقال: إنما كان لك لو أنك لم ترجع عن الإسلام، فأما إذا ارتددت فليس لك شىء، فذهب عيينة إلى أبي بكر فقال: ما أدري أأنت الأمير أم عمر، قال: بل هو إن شاء الله، قال: فانه لما قرأ كتابك شقه وألقاه، فقال أبو بكر: أما إنه لم يألني وإياك خيرا.

أخبرنا معمر عن الزهري، قال: ما اتخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا حتى مات، ولا أبو


[١] في ب، ط، ل: أرض لرجل.
[٢] باسناده ومتنه في المصنف ٨/٢٩٢، وأخرجه ابن سعد من طريق هشام بن سعد، مع اختلاف في المتن في الطبقات ٤/٢٠- ٢١.

<<  <   >  >>