للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبيدية [١] :/ [المجتث]

قال الرّباحيّ سرّا ... مصرا إليها إليها

كنّا بمصر وإنّا ... لعاملون عليها

لا عاش ولا بقي، ولقي من الخيبة ما يتّقي، فهذه الدولة مطاعة، إلى قيام الساعة، على رغم قاض إذا حكم جار، ولو على الجار، وإن غضب أو صال، فرّق الأوصال، عامي طرف، لا شرف له ذكر، ولا ذكر له شرف، يوقع العظيمة، ويعظم الوقيعة، ويشارع الخليفة، ويخالف الشريعة، يدع الإيثار، ويؤثر الدّعة، ويختار المرابع المذهّبة على المذاهب الأربعة، وإن تصعب لمالك، فلحظ نفسه في ذلك: [مجزوء الوافر]

لقد ولّيتم رجلا ... بخفض الناس يرتفع

ففرّق بيننا سفها ... وعند الله نجتمع

ومن أغرب ما يحكي الحاكي، أنه جمع العلماء في يوم باكي، فظنوا جمعهم لوليمة، فاذا هو جمع، فأخرج لهم سوطا مجدولا، يشبه سيفا مسلولا، وشاورهم على إعداده لعقوبة من وقع، فنهوه عن ذلك، وأمروه بالرفق فامتنع، فغادروا من عنده إلى الأوطان، مستعيذين بالله من الشيطان: [الكامل]

سوط يقلّ السيف عند عيانه ... وأراه بعض حوادث الأيام

ينوي به للمسلمين عقوبة ... وكذا تكون موائد الحكّام

فما قولك في طباع، تشبه ضراوة السباع، لا يرضيه إلا الدما، فلولو [٢] عنده سما، لولو عارض الكتاب، وهذا يتعرض لجملة الكتّاب، فالحذار الحذار من فعله، والبدار البدار إلى عزله، فكم أرعب وآذى، والقاضي يعزل بدون هذا، نعم يعزل بمجرد الظّنة، فاخرجوا من حلب هذه النار تدخلوا الجنة، لقد غاظني عامي يعلو بنفسه، والعامة عمى، أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ

[٣] ، فان شئتم يا نظّام الدولة أن يقوم وزن هذه البلاد، فكونوا في عروض عزله أسبابا [٤] تدعو لكم الأوتاد: [المتقارب]


[١] الدولة العبيدية: نسبة إلى مؤسسها أبي محمد عبيد الله الملقب بالمهدي، أسس دولة في المغرب بالقيروان، ثم استولوا على مصر، توفي عبيد الله سنة ٢٦٠ هـ.
[٢] لولو: اسم رجل، لعله لؤلؤ.
[٣] البقرة ٣٠، وتمام الآية: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ.
[٤] كلمة (أسبابا) ساقطة من ب، ط.

<<  <   >  >>