للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصدق وعفّ وكف واصبر واحتمل ... واصفح وكاف ودار واحلم واشجع

والطف ولن وتأنّ وارفق واتّئد ... واحزم وجد وحام واحمل وادفع

فلقد محضتك إن قبلت نصيحتي ... وهديت للنّهج الأسدّ المهيع

أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفي [١] ، أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بذلك قال الطبري.

ذكر الصلاح الصفدي في ترجمة التاج السبكي أنه سمّى كتاب الطبقات بالورقات، وأنه كتب عليها تقريظا، وقف المملوك على هذه الورقات، وصعد في معارج التأمل إلى هذه الطبقات، وباشر نظرها، وعلم ما لفوائدها في كل وقت من النفقات، فرأى أوراقها المثمرة، وغصونها المزهرة، وراقت له ليالي سطورها التي هي بالمعاني مقمرة، وشهد برق فضائلها اللهاب، وعلم من جمعها أن لكل مذهب عبد الوهاب: [الوافر]

لقد أحيى الذين تضمنتهم ... وأجلسهم على سرر السرور

فأصحاب التراجم في طباق ... أطلوا من شبابيك السطور [٢]

فما هي في طبقات، لكن بروج كواكب، وما هي سطور، بل سطور مواكب، لقد أعجبه همة من حررها وأسس قواعدها وقررها، وحصل بهذا الولد النجيب الياس، من فضل/ القاضي إياس، وكونه تقدم في شبابه على كهول أصحابه، فهذا أصغر سنا، وأكبر منا منّا، وقد شهد له العقل والنقل، بأنه فتيّ السنّ، كهل العلم والحلم والعقل، والله يمتع الزمان بفوائده، ويرقيه في الدين والدنيا إلى درجات والده.

قلت: ذكر الصلاح الصفدي أن محمد بن داود بن الجراح صنف كتاب الورقة في أخبار الشعراء، وسماه بذلك، لأن ترجمة كل شاعر في ورقة من غير زيادة. وأن الصولي سمى كتابه بالأوراق لأنه بسط ترجمة كل واحد في عدة أوراق، فالظاهر أن ابن السبكي أخذ التسمية بالورقات منه، لأنه بسط التراجم في ورقات وأوسع فيها [٣] .

قال عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحمن بن الفرس الغرناطي المالكي [٤] ، مؤلف أحكم


[١] هبيرة بن شبل بن عجلان بن عتاب الثقفي: وهو أول من صلى جماعة بعد الفتح، أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، وكان إسلامه بالحديبية، استخلفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على مكة إذ صار إلى الطائف فيما ذكر الطبري.
(الإصابة ٣/٦١٦) ، ولم أجد لهبيرة بن شبل ذكرا في تاريخ الطبري ولا في تفسيره.
[٢] في ب، ل: في طبقات.
[٣] في الأصل: (قلت ذكر الصلاح..... وأوسع فيها) خرجة طويلة من الحاشية.
[٤] عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي: المعروف بابن الفرس، قاض أندلسي من علماء غرناطة، ولي القضاء بجزيرة شقر، وفي وادي آش، وجيان وغرناطة، وجعل له النظر في الحسبة والشرطة، له تآليف منها أحكام القرآن، توفي بالبيرة سنة: ٥٩٩ هـ. (بغية الوعاة ٣١٥، قضاة الأندلس ص ١١٠، الديباج المذهب ص ٢١٨، التكملة لابن الأبار ص ٦٥١، فوات الوفيات ٢/١٦، نفح الطيب ٢/٦٥٣) .

<<  <   >  >>