للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبا البركات لو درت المنايا ... بأنّك فرد عصرك لم تصبكا

كفى الإسلام رزءا فقد شخص ... عليه بأعين الثّقلين يبكى

قال محارب بن محمد الوادي آشي [١] ، يمدح القاضي عياض [٢] : [الوافر]

غدا سلس القياد فما يراض ... وعمّ جميع لمّته البياض

وأضحى القلب لا تصبيه هند ... ولا سلمى ولا الحدق المراض

وإن غنّى الحمام بغصن أيك ... فمن عضّ الزمان به عضاض

وقائلة أتكرع في ثماد ... وقد لاحت لرائضها الحياض

إلى كم تقول لكلّ خطب ... مقالة من ألمّ به المخاض

وتنقبض انقباض العيّ حتى ... أضرّ بك السكون والانقباض

ووجد بني عياض بالمعالي ... مدى الدنيا حديث مستفاض

إذا قصدوا أثاروا الحرب جودا ... وسالوا بالمكارم ثم فاضوا

فقلت لها ومن منهم عياذي ... فقالت ذاك سيدهم عياض

إمام زانه حلم وعلم ... له بالخطة العليا انتهاض

يقارض من أساء بحسن صبر ... وأمر الدين والدنيا قراض [٣]

ففي الآداب جدول ماء مزن ... وفي الآراء بحر لا يخاض

ويبرم ما يروم فليس يخشى ... على أمر قد ابرمه انتقاض

يهيم بكلّ معلوة وفضل ... كما قد هام بالعليا مضاض [٤]


[١] محارب الوادي آشي: محمد بن محارب، من أهل وادي آش قرب غرناطة، كان فقيها أديبا، توفي بعد سنة ٥٥٣ هـ. (تحفة القادم ص ٤٤، التكملة ٢/٧٣٦، المقتضب ص ٨٥) .
[٢] القاضي عياض: عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، كان إماما في الحديث وعلوم اللغة والنحو وأيام العرب وأنسابهم، له تآليف منها: ترتيب المدارك وتعريف المسالك، والشفا في تعريف حقوق المصطفى، تولى القضاء في سبتة وغرناطة، توفي بمراكش سنة ٥٤٤ هـ. (بغية الملتمس ص ٤٣٧، تاريخ قضاة الأندلس ص ١٠١، وفيات الأعيان ٣/٤٨٣، وأزهار الرياض ٥/٨٣) . والأبيات في: تحفة القادم ص ٤٤- ٤٥، والمقتضب ص ٨٥- ٨٦، وأزهار الرياض ٥/٨٣.
[٣] في ب، ل: يعارض من أساء. والصواب: يقارض من القرض، أي المجازاة، ويعزز ذلك عجز البيت:
وأمر الدين والدنيا قراض.
[٤] مضاض: هو مضاض بن عمرو الجرهمي من ملوك العرب في الجاهلية، كان مقيما في الحجاز، تابعا لليمن، وقيل كان يحكم أعلى مكة ويأخذ العشور ممن يدخلها من تلك الجهة. (التيجان ص ١٧٨ و ١٨٠، أخبار ابن عبيد ص ٣١٥، تاج العروس ٥/٨٧، الأعلام ٧/٢٤٩) .

<<  <   >  >>