للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن بين باك له موجع ... وبين معزّ مغذّ إليه

ويسلبه الشيب شرخ الشباب ... فليس يعزيه خلق عليه

وقال [١] : [الكامل]

تعصي الإله وأنت تظهر حبّه ... هذا محال في القياس بديع

لو كان حبّك صادقا لأطعته ... إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع

وقال: [الطويل]

تعزّ بحسن الصّبر عن كل هالك ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم

إذا أنت لم تسل اصطبارا وحسبة ... سلوت على الأيام مثل البهائم

وقال: [الطويل]

إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... عليّ له في مثلها يجب الشكر

فكيف وقوع الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر

كان الماوردي [٢] قد سلك طريقا في توريث ذوي الأرحام، فجاء إليه كبير من الشافعية، فقال له: اتّبع ولا تبتدع، فقال: بل أجتهد ولا أقلد، فانصرف عنه. قال محب الدين بن النجار: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد الأديب بأصبهان، عن أبي طاهر بن أبي نصر التاجر، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن مندة إذنا، أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الله اللبّان الشيرازي، قال: سمعت أبا الحسين أحمد بن عبيد الله الهاشمي يقول: سمعت أبا القاسم الجنيد بن محمد الصوفي يقول في بغداد:/ ما زلت أطلب إلى الله في صلاتي خمس عشرة سنة أن يريني إبليس، فلما كان يوم نصف النهار في صيف، وأنا قاعد بين البابين أسبّح، إذ دقّ عليّ الباب، فقلت: من ذا؟ قال:

أنا، قلت الثاني: من ذا؟ قال: أنا، قلت الثالث: من أنت؟ قال: أنا، قلت: لا تكون إبليس؟ قال: نعم، فمضيت ففتحت له الباب، فدخل عليّ شيخ عليه برنس من الشعر، وعليه قميص من الصوف، وبيده عكازة، فجئت أقعد مكاني بين البابين، فقال لي: قم من مجلسي، فان بين البابين مجلسي، وخرجت، فقعد، فقلت: بم تستضل الناس؟

فأخرج لي رغيفا من كمّه، وقال لي: بهذا، فقلت: بم تحسّن لهم السيئة؟ فأخرج


[١] البيتان في كامل المبرد ٢/٥١٣، وزهر الآداب ص ٩٨.
[٢] الماوردي: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري، الفقيه الشافعي، أخذ الفقه عن أبي القاسم الصيمري، له من التصانيف: الحاوي، وتفسير القرآن الكريم، وأدب الدنيا والدين، والأحكام السلطانية، توفي ببغداد سنة ٤٥٠ هـ. (وفيات الأعيان ٢/٤٤٤) .

<<  <   >  >>