للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حضرة علام الغيوب، أناس من حلي الوحي الذاتي أذنيّ وهي القوة العلمية، وملأ من شحم التأييد الصفات عضديّ، وهو القوة العملية، ويحجبني بالمحبة، فتحجب به إلى نفسي، وهي صورتي الكلية، وجدني في غنيمة أهل الآثار، بشق الاستدلال، فجعلني في صهيل السبق، وأطيط [١] الاستواء ودايس التلاع، ومنقى الكمال، فعنده أقول بالقول الصادع، فلا أقبح بالرد، وأرقد رقدة الرضا، فأتصبح بالأمان من الصد، وآكل من جنى ثمرات الكمال، فأتمنح [٢] لمن تقرب واستعد، وأشرب من رؤية العين بالعين، فأتقمّح [٣] عن صور المشاهدة، بما من الغيب أشهد.

أم أبي زرع، كلمة ذات العليم الفتاح، فما أم أبي زرع إلا روح الأقلام، وحياة الألواح، عكومها رداح، وهي قوابلها الملآنة بقوت الأرواح، وبيتها فساح، وهو صدر للحقائق ذو انشراح، حيث يسكن لرحمته أهل الصلاح، ويستجير بشفاعته أهل الجناح، ولا جناح، ابن أبي زرع، فما ابن أبي زرع، هو الذوق السليم المتولد عن فكره الواضح الحكيم، وعقله الواسع العليم، مضجعه من الفهم الماضي، كمسلّ شطبه، لرقة حواشيه، بمجالسة الأحبة، وتشبعه ذراع الجفرة، لوجود مطلوبه في كل ذرّة، وترويه فيقة اليعرة [٤] ، لرضاه من اتباعه بالتسليم لأول مرة، بنت أبي زرع زوج تحلت بحلاه، فما بنت أبي زرع إلا محل جنابه وولاه، لم تزل بالتسليم والإرشاد، والتغذية من لطائف الأشهاد،/ وحسن النظر في حفظ نضارتها طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها، جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع، وهي القوة البشرية الخادمة للقوة الآمرية، لا تبث حديثنا بالدعاوى تثبيتا، ولا إيتاء الحكمة لغير أهلها، تنقث ميرتنا تنقيثا [٥] ، ولا من العوارض الحسية تملأ بيتنا الفكري تعشيشا.

خرج أبو زرع من حكم الناسوت ليلة الإسراء، إلى أن كان من كل لاهوت، بحيث يسمع ويرى، وأوطأت المشاهد تمخض بيد البيان، لتخرج له من درّ العلم زبدة العيان، فلقي امرأة، وهي حالة السلوب، الواجبة في حضرة الوجوب، معها ولدان لها كالفهدين، هما الطمأنينة والسكينة، اللذين يلعبان من تحت خصر التوسط، في الحلم والتجريد،


[١] الأطيط: صوت الإبل من شدة ثقل أحمالها. (اللسان: أطط) .
[٢] التمنّح: إطعام الغير من مال أو طعام. (اللسان: منح) .
[٣] التقمّح: كراهية الشراب، بسبب الإكثار منه، والقامح: الكاره للشيء. (اللسان: قمح) .
[٤] اليعرة أو اليعر: الشاة أو الجدي أو العناق، يشد ويربط عند زبية الأسد أو الذئب ونحوهما، ويغطى رأسه، فاذا سمع السبع صوته جاء في طلبه، فوقع في الزبية، فأخذ، واليعر: الشاة أو الجدي ربط أم لم يربط (المعجم الوسيط: يعر) .
[٥] نقث عن الشيء: حفر عنه ليستخرجه، والعظم: استخرج مخه

<<  <   >  >>