للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكنت كثير الجواز بقبور بني أيوب، فأصابني ضيق، فرأيت في النوم، كأن من قبورهم قبر شمس الدولة [١] فقصدت إليه، فوجدت قبرا عظيما مفتوح الباب، وهو فيه مسجى بكفنه، ومعي قصيدة أمتدحه بها، فأنشدته إياها، فلما فرغت من إنشادي، استتر عني في زاوية القبر، وأخذ كفنه فرمى به إليّ، وأنشدني [٢] : [البسيط]

لا تستقلّنّ معروفا سمحت به ... ميتا وأمسيت فيه عاري البدن

ولا تظنّن جودي شابه بخل ... من بعد بذلي بملك الشام واليمن

إني خرجت من الدنيا وليس معي ... من كلّ ما ملكت كفّي سوى كفني

وفيه قال بعضهم: [السريع]

أفرط نسياني إلى غاية ... لم يدع النسيان لي حسّا

فصرت مهما عرضت حاجة ... مهمّة أودعتها طرسا

وصرت أنسى الطرس في راحتي ... وصرت أنسى أنّني أنسى

وفيه: نقلت من خط القاضي علاء الدين الوداعي، حدثني شيخنا تاج الدين عبد الرحمن الفزاري، قال: كان شيخنا شيخ الإسلام عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام [٣] ، إذا قرأ عليه القارئ/ من كتاب، وانتهى إلى آخر أي باب كان من أبوابه، لا يقف عليه، بل يأمره أن يقرأ من الباب الذي بعده، ولو سطرا واحدا، ويقول: ما نشتهي أن نكون ممن يقف على الأبواب.

في الطيوريات، عن زبيد اليامي [٤] قال: خرج من همذان إلى صفين اثنا عشر ألف رجل، فما رجع منهم إلا خمسة أو ستة.


[١] شمس الدولة: الملك المعظم توران شاه بن أيوب، إخو صلاح الدين الأيوبي، لقب شمس الدولة، وفخر الدين أيضا، توفي سنة ٥٧٦ هـ، ودفن بالشام. (وفيات الأعيان ١/٣٠٦) .
[٢] الخبر والأبيات في وفيات الأعيان ١/٣٠٩ تحقيق إحسان عباس، وعجز البيت الأول فيه:
ميتا فأمسيت فيه عاريا بدني
[٣] ابن عبد السلام: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، عز الدين، الملقب بسلطان العلماء، فقيه شافعي بلغ مرتبة الاجتهاد، ولاه الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة، ومكنه من الأمر والنهي، ثم اعتزل ولزم بيته، من كتبه: (التفسير الكبير) ، و (الإلمام في أدلة الأحكام) ، و (قواعد الأحكام في إصلاح الأنام) ، وغيرها كثير، توفي بالقاهرة سنة ٦٦٠ هـ. (طبقات السبكي ٥/٨٠- ١٠٧، النجوم الزاهرة ٧/٢٠٨، ذيل الروضتين ص ٢١٦، فوات الوفيات ١/٢٨٧) .
[٤] زبيد اليامي: أبو عبد الرحمن زيد بن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو بن كعب اليامي، ثقة ثبت في الأحاديث، كان علويا من أهل الكوفة، توفي سنة ٢٤ هـ. (تهذيب التهذيب ٣/٣١٠) .

<<  <   >  >>