للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ

الآية [١] ، فكانت الردة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنكل عنها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلا أبا بكر وحده، فانه لم تأخذه في الله لومة لائم في قتال أهل الردة، فقال له عمر: يا خليفة/ رسول الله، اقبل منهم الصلاة، ودع لهم الزكاة، فالصلاة أفضل قواعد الإسلام، فلم يقبل منه.

قال القاضي: فان الله سبحانه وتعالى يقول: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ

[٢] ، نزلت هذه الآية في عليّ، وكانت معه أربعة دنانير، فتصدق منها بدينار سرا، ودينار علانية، ودينار ليلا، ودينار نهارا، فأخبر الله تعالى عنه بفعله، إعلاما بشأنه، وتنبيها على مكانه.

قال اللص: فلأبي بكر مثلها، فان الله تعالى يقول [٣] : وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى

[٤] ، فجعل أعمال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم شتى، ثم قال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى

[٥] ، ثم قال: الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى

[٦] ، نزلت هذه الآية في أبي بكر رضي الله عنه، وما أرى [٧] أن يخفى عنك، ولا عن مثلك من ذوي الألباب والعلم، فضل ما بين هاتين الآيتين، أنه لا خلاف بين المسلمين/ أن أبا بكر أنفق أربعين ألف درهم، يريد بها وجه الله ربه الأعلى، حتى تخلل بالعباء، فقرا في طاعة الله وطاعة رسوله.

قال القاضي: فان الله تعالى يقول: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ

[٨] ، نزلت هذه الآية في عليّ، قال اللص: فلأبي بكر مثلها، قال الله سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا

[٩] ، نزلت هذه الآية في أبي بكر، وقد أنفق ماله على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو أول من قاتل معه بمكة، وقد اجتمع المشركون على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر، فمانعهم عنه ودافعهم دونه،


[١] المائدة ٥٤.
[٢] البقرة ٢٧٤.
[٣] في ش: قال الله تعالى.
[٤] الليل ١- ٤.
[٥] الليل ٥، ٦.
[٦] الليل ١٨- ٢١.
[٧] في ش: وما لدي أن يخفى.
[٨] التوبة ١٩.
[٩] الحديد ١٠.

<<  <   >  >>