للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر الله عنه بذلك.

قال القاضي: فحبّ عليّ فريضة على أمّة محمد صلّى الله عليه وسلم جميعا، فان كان أبو بكر من أمته، دخل في هذه الفريضة، قال تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى

[١] ، وقد أجمع أهل البيت أن عليّا أفضلهم منزلة عند الله ورسوله. قال اللص: فلأبي بكر مثلها، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ

[٢] ولا خلاف/ بين الأمة أن أبا بكر رضي الله عنه إمام السابقين، وأول الصادقين، وأوجب الله على كل مؤمن أن يستغفر له، ولا يستغفر لأحد إلا لمن يحب، فحبه إذن فرض، كما أخبر الله سبحانه، وبغضه كفر.

قال القاضي: فأوجد في ذكر خلافة أبي بكر في التنزيل. قال اللص: نعم، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ

[٣] ، وقال تعالى: وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ

[٤] ، فأخبر أن الخلفاء أعظم منزلة، وأرفع درجة عنده من غيرهم، وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

[٥] ، فذكر خلافته في التوراة والإنجيل والقرآن، ووعدهم بأن يستخلفهم ووفّى لهم بذلك، وأوجب فرض طاعتهم على أهل زمانهم، وفي بعض هذه دلالة كافية، وحجة شافية، وما أراكم توردون فضيلة إلا ولنا أمثالها، ولا تظهرون منقبة إلا وعندنا أشكالها، ولا تختالون في دفع فضل لنا، إلا وعندنا/ في نقضه حجة قاطعة، وبراهين لامعة، وليس كل خبر يورد، ولا حديث يسند، إلا وعندنا من تأويله فنون، ومن علمه متون وعيون، فان جهلتم الفضل على مثل هذه الأخبار، قلنا: فقد قال في عمر بن الخطاب: (لو كان بعدي نبي لكان عمر) [٦] ، وإن قلتم:

إنما الفضل بالشجاعة، فقد شهد النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير بها، وقال في حمزة: (أسد الله) ، وقال في خالد: (سيف الله) ، ثم قال صلّى الله عليه وسلم: (أنا في ميزان عمي العباس) [٧] .


[١] الشورى ٢٣.
[٢] الحشر ١٠.
[٣] الأنعام ١٦٥.
[٤] النمل ٦٢.
[٥] النور ٥٥.
[٦] المعجم الكبير للطبراني ١٧/٣١٠، وفي عمدة القاري قريب من هذا: عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر) وفي رواية: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك من أمتي أحد، فإنه عمر) (عمدة القاري في شرح صحيح البخاري، للعيني ١٦/١٩٨) .
[٧] لم أجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتمدة.

<<  <   >  >>