للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن المراد أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون أنه شهر مشئوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. ورجَّح هذا القول ابن رجب الحنبلي (١) .

ويجوز أن يكون المراد هو الدواب التي في البطن، والتي هي أعدى من الجرب بزعمهم، وأن يكون المراد تأخير الحرم إلى صفر وهو ما يسمى بالنسيء، وأن الصفرين جميعاً باطلان لا أصل لهما، ولا تصريح على واحد منهما.

وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر؛ لأن التشاؤم صفر من الطيرة المنهي عنها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا طيرة)) (٢) . لقوله صلى الله عليه وسلم: ((طيرة شرك، طيرة شرك)) (٣) . ويكون قوله: ((ولا صفر)) من باب عطف الخاص على العام، وخصَّه بالذكر لاشتهاره.

فالنفي- والله أعلم- يشمل جميع المعاني التي فسر العلماء بها قوله صلى الله عليه وسلم ((لا صفر)) والتي ذكرتها؛ لأنها جميعاً باطلة لا أصل لها ولا تصريح على واحد منها.

فكثير من الجهال يتشاءم بصفر، وربما ينهى عن السفر فيه، وقد قال بعض هؤلاء الجهال: ذكر بعض العارفين أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات، وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها، فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة، والمعوذتين مرة، ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء، حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة، وهذا هو الدعاء:


(١) - يراجع: لطائف المعارف ص (٧٤) .
(٢) - يراجع: شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/٢١٥) .
(٣) - رواه الإمام أحمد في مسنده (١/٤٤٠) . ورواه أبو داود في سننه (٤/٢٣٠) كتاب الطب، حديث رقم (٣٩١٠) . ورواه الترمذي في سننه (٣/٨٤، ٨٥) أبواب السير، حديث رقم (١٦٦٣) ، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه ابن ماجه في سننه (٢/١١٧٠) كتاب الطب، حديث رقم (٣٥٣٨) . ورواه الحاكم في المستدرك (١/١٧، ١٨) كتاب الإيمان، وقال: حديث صحيح سنده، ثقات رواته ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.

<<  <   >  >>