للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

، ويركب عقيب صلاة الصبح يتصيد، ثم يرجع إلى القلعة (١) قبل الظهر. هكذا يعمل كل يوم إلى ليلة المولد. وكان يعمله سنة في ثامن الشهر، والسنة في الثاني عشر؛ لأجل الاختلاف الذي فيه، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً على الوصف، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والمغاني والملاهي، حتى يأتي بها إلى الميدان، ثم يشرعون في نحرها، وينصبون القدور، ويطبخون الألوان المختلفة، فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة، ثم ينزل وبين يديه الشموع المشتعلة شيء كثير، وفي جملتها شمعتان أو أربع -أشك في ذلك- من الشموع الموكبية (٢) ، التي تحمل كل واحدة منها على بغل، ومن ورائها رجل يسندها، وهي مربوطة على ظهر البغل، حتى ينتهي إلى الخانقاه. فإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخلع من القلعة إلى الخانقاه على أيدي الصوفية على يد كل واحد منهم بقجة (٣) ، وهم متتابعون، كل واحد وراء الآخر، فينزل من ذلك شيء كثير لا أتحقق عدده، ثم ينزل إلى الخانقاه، وتجتمع الأعيان والرؤساء، وطائفة كبيرة من بياض الناس، وينصب كرسي للوعَّاظ، وقد نصب لمظفر الدين برج خشب له شبابيك إلى الموضع الذي في غاية الاتساع، ويجتمع فيه الجند، ويعرضهم ذلك النهار، وهو تارة ينظر إلى عرض الجند وتارة إلى الناس والوعاظ، ولا يزال كذلك حتى يفرغ الجند


(١) - وهي قلعة إربل المشهورة.
(٢) - نسبة إلى الموكب، والموكب: جماعة من الناس ركباناً ومشاة، وكذلك القوم الركوب على الإبل للزينة، وكذلك جماعة الفرسان. يراجع: لسان العرب (١/٨٠٢) مادة (وكب) .
(٣) - بقبجة: من المولد. وهي ظرف من القماش المعروف. . يراجع: شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل ص (٧٩) .

<<  <   >  >>