للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنة)) أي خلافاً لما يراه بعض أهل الجاهلية من أن ذلك سنة، هذا معنى كلام بعضهم. لكن النفي يفيد البطلان كـ ((لا عدوى ولا طيرة)) أفلا يكون ((لا فرع ولا عتيرة)) إبطال لذلك؟! .

فالأصل سقوط ذلك، ولا حاجة إلى تأويل، بل هو ساقط بالإسقاط النبوي، سقط سنة وفعلاً.

هذا مع دلالة ((من تشبه بقوم فهو منهم)) (١) . مع دلالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من مشابهة الجاهلية.

ثم إن هذا من باب العبادات، والعبادات توقيفية، فلو لم ينفها صلى الله عليه وسلم كانت منتفية، فإن أمور الجاهلية كلها منتفية، لا يحتاج إلى أن ينصص على كل واحد منها.

قوله: ((ولا يكرهان)) هذا تصريح بعدم الكراهية، وبعض الأصحاب قال بالكراهة (٢) ، والذي نفهم أنه حرام، وهذا بالنسبة إلى تخصيصهم ذبح أول ولد تلده الناقة - الفرع -، والذبح في العشر الأول من رجب -العتيرة -، أما إن كان مثل ما يفعله الجاهلية لآلهتهم فهو شرك (٣) . ا. هـ.

والذي يترجح عندي -والله أعلم - هو القول بالبطلان، لاتفاق جمهور العلماء على أن ما ورد في العتيرة منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا فرع ولا عتيرة)) . وأن اللام في هذا الحديث تفيد النفي قياساً على قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى ولا طيرة)) . ولما في العتيرة من التشبه بأهل الجاهلية، وهذا منهي عنه، ولأن الذبح عبادة، والعبادات توفيقية.

ولكن ليس هذا معناه أنه لا يجوز الذبح عموماً في شهر رجب ولكن المراد بالنهي هو ما ينويه الذابح أن هذه الذبيحة هي عتيرة رجب، أو انه ذبحها تعظيماً لشهر رجب ونحو ذلك. - والله أعلم -.


(١) - رواه أحمد في مسنده (٢/٥٠) . ورواه أبو داود في سننه (٤/٣١٤) كتاب اللباس، حديث رقم (٤٠٣١) . قال المنذري في تهذيب سنن أبي داود (٦/٢٥) : (في إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (١/٢٣٦) : (وهذا إسناد جيد) . وذكره السيوطي في الجامع الصغير (٢/ ٥٩٠) رقم (٨٥٩٣) . وأشار إلى أنه حسن. من رواية أبي داود، والطبراني في الأوسط. وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح، وصححه ابن حبان، وله شاهد عند البزار. وعند أبي نعيم في تاريخ أصبهان. يُراجع: كشف الخفاء (٢/٣١٤) ، حديث رقم (٢٤٣٦) . وقال الألباني - رحمه الله -: صحيح. يُراجع: إرواء الغليل (٨/٤٩) ، وحديث رقم (٢٣٨٤) .
(٢) - يراجع: الإنصاف للمرداودي (٤/١١٤) .
(٣) - يراجع: فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (٦/١٦٥و١٦٦) .

<<  <   >  >>