للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبق لتخصيصه بالصيام وجه، فكره صيامه والدوام عليه، وحذراً من أن يلحق بالفرائض والسنن الراتبة عند العوام.

فإن أحب امرؤ أن يصومه على وجه تؤمن فيه الذريعة، وانتشار الأمر-حتى لا يعد فرضاً أو سنة-فلا بأس بذلك (١) . ا. هـ.

فمما تقدم من كلام هؤلاء العلماء من السلف الصالح يتبين لنا أن شهر رجب لا يخصص ولم يخصص بصيام دون غيره من الأشهر، وكذلك تخصيصه بالصيام تعظيم له، وتعظيم شهر رجب فيه تشبه بأهل الجاهلية، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

وتخصيصه بالصيام بدعة لأنه لم يأمر به صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا التابعون، ولا السلف الصالح، وكل ما ورد في صيامه من النصوص فقد اتفق جمهور على أنها موضوعة إلا القليل منها ضعيف جداً لا يصلح الاحتجاج به.

وقد صح عن ابن عباس أنه كان ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيداً (٢) . وصح عنه أيضاً قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان. فإذا ليس لتخصيص شهر رجب بالصوم أصل - والله أعلم -.

وأما تخصيصه بالعمرة فيه فقد روى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، فأنكرت ذلك عائشة - رضي الله عنها - وهو يسمع فسكت (٣) .

واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره، وكانت عائشة تفعله


(١) - يراجع: الحوادث والبدع ص (١٣٠، ١٣١) .
(٢) - رواه عبد الرزاق في مصنفه (٤/٢٩٢) . رقم (٧٨٥٤) . وقال ابن حجر: وهذا إسناد صحيح. يراجع تبيين العجب: ص (٣٥) .
(٣) - رواه صحيح البخاري (٢/١٩٩) كتاب العمرة، باب (٣) . صحيح مسلم (٢/٩١٦، ٩١٧) كتاب الحج حديث رقم (١٢٥٥) . (٢١٩، ٢٢٠) .

<<  <   >  >>