للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعمرة، وإنما القصد - والله أعلم - هو الإتيان بالحج في سفرة والعمرة في سفرة أخرى، رغبة في إتمام الحج والعمرة المأمور به، كما وضح ذلك ابن رجب في معرض كلامه عما نقله ابن سيرين عن السلف.

وإما ما رواه البيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - من أنها كانت تعتمر في ذي الحجة وفي رجب، فيمكن الجواب عنه: بأنه موقوف على عائشة، وكذلك يحتمل أن فعلها هذا جمع بين السنة في الاعتمار في أشهر الحج كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وبين فضل الإتيان بالحج في سفرة والعمرة في سفرة أخرى. ولو كان لتخصيص شهر رجب بالعمرة فضل أو مزية لذكرته - عائشة - رضي الله عنها - عندما أنكرت على ابن عمر قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم - اعتمر في رجب - والفضل كله في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب قط. والله أعلم.

قال أبو شامة: ((ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل، إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة، فإن كان ذلك، اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها، كصوم يوم عرفة وعاشوراء، والصلاة في جوف الليل، والعمرة في رمضان، ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلاً فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر، فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها، كان له الفضل على نظيره في زمن آخر)) .

فالحاصل: أن المكلف ليس له منصب التخصيص، بل ذلك إلى الشارع ا. هـ (١) . - والله أعلم -.


(١) - يراجع: الباعث ص (٤٨) .

<<  <   >  >>