للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما يعم العالم والجاهل فمن وجوه:

الوجه الأول: أن فعل البدع مما يغري المبتدعين الواضعين بوضعها وافترائها، والإغراء بالباطل والإعانة عليه ممنوع في الشرع واطراح البدع والموضوعات زاجر عن وضعها وابتداعها، والزجر عن المنكرات من أعلى ما جاءت به الشريعة.

الوجه الثاني: أنها مخالفة لسنة السكون في الصلاة، من جهة أن فيها تعديد لسورة الإخلاص، وسورة القدر، ولا يتأتى عده في الغالب إلا بتحريك بعض أعضائه.

الوجه الثالث: أنها مخالفة لسنة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في الصلاة، وتفريغه لله تعالى، وملاحظة جلاله وكبريائه، والوقوف على معاني القراءة والذكر، فإنه إذا لا حظ عدد السور بقلبه، كان متلفتاً عن الله تعالى، معرضاً عنه بأمر لم يشرعه في الصلاة، والالتفات بالوجه قبيح شرعاًَ، فما الظن بالالتفات عنه بالقلب الذي هو المقصود الأعظم.

الوجه الرابع: أنها مخالفة لسنة النوافل، فإن السنة فيها أن فعلها في البيوت أفضل من فعلها في المساجد، إلا ما استثناه الشرع كصلاة الاستسقاء والكسوف وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة)) (١) .

الوجه الخامس: أنها مخالفة لسنة الانفراد بالنوافل، فإن السنة فيها الانفراد، إلا ما استثناه الشرع، وليست هذه البدعة المختلفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.

الوجه السادس: أنها مخالفة للسنة في تعجيل الفطر، إذ قال صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) (٢) .

الوجه السابع: أنها مخالفة للسنة في تفريغ القلب عن الشواغل المقلقة قبل الدخول في الصلاة، فإن هذه الصلاة يدخل فيها وهو جوعان ظمآن، ولاسيما في أيام الحر الشديد، والصلوات لا يدخل فيها مع وجود شاغل يمكن رفعه.

الوجه الثامن: أن سجدتيها مكروهتان، فإن الشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى


(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٢١٤) كتاب الأذان حديث رقم (٧٣١) . بلفظ: ((فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) . ورواه مسلم في صحيحه (١/٥٣٩و٥٤٠) كتاب صلاة المسافرين. حديث رقم (٧٨١) . ولفظه ((فإن خير صلاة المرء ... )) .
(٢) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٤/١٩٨) كتاب الصوم، حديث رقم (١٩٥٧) . ورواه مسلم في صحيحه (٢/٧٧١) كتاب الصيام، حديث رقم (١٠٩٨) .

<<  <   >  >>