للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسجدة منفردة لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصح بدونها، فكما لا يتقرب إلى الله بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرب إليه بسجدة منفردة، وإن كانت قربة، إلا إذا كان لها سبب فكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والصيام في كل وقت وأوان وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه من حيث لا يشعرون.

الوجه التاسع: لو كانت السجدتان مشروعتين، لكان مخالفاً للسنة في خشوعهما وخضوعهما، بما يشتغل به من عدد التسبيح فيهما بباطنه، أو بظاهره، أو بباطنه وظاهرة.

الوجه العاشر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تختصموا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم)) (١) .

الوجه الحادي عشر: أن في ذلك مخالفة للسنة فيما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذكار السجود، فإنه لما نزل قوله سبحانه وتعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٢) . قال: ((اجعلوها في سجودكم)) (٣) . وقوله: ((سبوح قدوس)) وإن صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يصح أنه أفرادها بدون ((سبحان ربي الأعلى)) ، ولا أنه وظفها على أمته، ومن المعلوم أنه لا يوظف إلا أولى الذكرين، وفي قوله: ((سبحان ربي الأعلى)) من الثناء مالي في قوله: ((سبوح قدوس)) (٤) . ا. هـ.

ثم قال العز بن عبد السلام: (ومما يدل على ابتداع هذه الصلاة أن العلماء الذين


(١) - رواه الإمام أحمد في مسنده (٦/٤٤٤) . ورواه مسلم في صحيحه (٢/٨٠١) كتاب الصيام. حديث رقم (١١٤٤) (١٤٨) .
(٢) - سورة الأعلى:١.
(٣) - رواه الإمام أحمد في مسنده (٤/١٥٥) . ورواه أبو داود في سننه (١/٥٤٢) كتاب الصلاة، حديث رقم (٨٦٩) . ورواه ابن ماجه في سننه (١/٢٨٧) كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (٨٨٧) . ورواه ابن حبان في صحيحه.
يراجع: موارد الظمآن ص (١٣٦، ١٣٥) حديث رقم (٥٠٥) . ورواه الحاكم في المستدرك (٢/٤٧٧، ٤٧٨) ، وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: الحديث صحيح.
(٤) - يراجع: المساجلة ص (٥-٩) وكذلك الباعث ص (٥٢-٥٧) .

<<  <   >  >>