الثالث: أن تعاطي صلاة الرغائب مما يغري الواضعين بالوضع، لنفاق كذبهم وعمومه، بخلاف ما مثل به.
الرابع: أن تعاطيها بخصوصها يتضمن سنن كثيرة بخلاف ما مثل به.
الخامس: أن صلاة الرغائب في حق من يعتقد أنها سنة راتبة يجب تخريج صحتها على الخلاف، فيمن وصف الصلاة في نيته بصفة فاختلفت، ولا خلاف في صحة الصلاة في المثال المضروب. ثم قد ناهض حكمه بأنها من البدع الحسنة بقوله: إن الصفة الزائدة إذا كانت منكرة يردها شيء من أصول الشريعة، فهي من البدع المذمومة، والحوادث المردودة، وتعاطي صلاة الرغائب كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان الحال، وتسبب إلى الكذب عليه، وإغراء للواضعين بالوضع، وكل ذلك مما ترده أصول الشريعة. وأما نسبته المنكر لصلاة الرغائب إلى أنه أنكر تكرار السور، فلم ينكر تكرار السور، وإنما أنكر شغل القلب عن الخشوع بعدها.
وأما قوله: فليس ذلك من المكروه المنكر، فقد ورد نحو ذلك.
فجوابه: أنه إن أراد بما ورد تسبيحات الركوع والسجود، وتكبيرات العيد فالفرق من وجهين:
أحدهما: أن ذلك عدد قليل يتأتى تعاطيه مع ملاحظة الخشوع.
والثاني: أن ذلك العدد مما ثبتت شرعيته في الصلاة، فإن كان الخشوع لا يتأتى معه وجب تقديمه على الخشوع، فقدمنا أحد مأموري الشرع على الآخر بخلاف العد في صلاة الرغائب فإنه طويل غير مشروع، فإذا تعاطاه المصلى كان تاركاً للخشوع المشروع بأمر غير مشروع.
وأما ما ورد في بعض الأحاديث من تكرار سورة الإخلاص، فإن لم يصح هذا الحديث فلا حجة فيه (١) ، وإن صح فإن دل على الجواز فنحن لا ننكر الجواز، وإن دل
(١) - بل الحديث صحيح فقد رواه البخاري تعليقاً في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٢/٢٥٥) ، كتاب الأذان، حديث رقم (٧٧٤) مكرر. وقال ابن حجر في فتح الباري: وحديثه هذا وصله الترميذي والبزار عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، والبيهقي..... وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. يراجع: فتح الباري (٢/٢٥٧) . ورواه البيهقي في سننه (٢/٦١) ، كتاب الصلاة. ورواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (١٣/٤٣٧، ٣٤٨) ، كتاب التوحيد، حديث رقم (٧٣٧٥) ، قصة أمير السرية بعثة صلى الله عليه وسلم وكان يختم صلاته بقل هو الله أحد..... الحديث. ورواه مسلم في صحيحه (١/٥٥٧) ، كتاب صلاة المسافرين، حديث رقم (٨١٣) ، ولكن في هذه الأحاديث دليل ذهب إليه ابن الصلاح من جواز التكرار، لأنه ليس فيها تكرار السورة الواحدة في الركعة الواحدة كما في صلاة الرغائب.