للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الاستحباب فإن لم يتأتى معه الخشوع، كان الشرع مقدماً له على الخشوع، وإن تأتى معه الخشوع صار كتسبيحات الركوع.

وإذ لم يدل على الاستحباب كان مكروهاً، لما فيه من تفويت مقصود الصلاة، وإعراض القلب عن الله تعالى، مع أن مجرد التكرار لا يشعر بالتعديد فكم من مكرر غير معدد فإن كان قد عبر عن التعديد بالتكرير فسوء عبارة تنبيء عن المقصود.

وأما تأويله كراهة بعض أئمة الحديث لذلك بأنه محمول على ترك الأولى، فمخالفة للظاهر بغير دليل، فإن الكراهة ظاهرة في المنهي الذي لا إثم في فعله بغلبة الاستعمال، فحملها على ترك الأولى تأويل بغير دليل.

وأما قوله في السجدتين عند من يرى كراهتها: أن سبيله أن يتركهما فحسب. فهذا لا يستقيم، لأن الإنكار إنما وقع على صلاة الرغائب بخصائصها وتوابعها، ولواحقها، ولا يلزم من إنكار المركب بعض أجزائه (١) .

وأما حرص هذا المسكين على إبقائها، أو إبقاء بدلها فذلك حرص منه على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، أو في بدلها، إذا نهى صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام، كأنه يقول: إن لم يأت بصلاة الرغائب المكروهة من وجوه، فليأت بمكروه آخر، يقوم مقامها، حتى لا يخلو من مخالفة الرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! .

وأما نسبته المنكر إلى أنه أنكر تقييدها بعدد خاص!! فهذا افتراء وتقول.

وأما نقله عن جماعة من العلماء أنهم أجازوا عدّ الآيات، فنحن لا ننكر الجواز، ولا يصلح استشهاده بصلاة التسبيح إذ لم تثبت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تسقط الخشوع الذي ثبت في الشرع أنه من سنن الصلاة، بما لم يثبت من ملاحظة العدد.

وأما قوله: يجوز الاقتداء في نوافل الصلوات.

فنحن ما منعنا الجواز، وإنما قلنا السنة فيها الانفراد، إلا ما استثني مع أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ولم يجعله شعاراً متكرراً


(١) - هكذا وردت العبارة في الأصل ولعل صحة العبارة (ولا يلزم من إنكار المركب إنكار بعض أجزائه) ، والله أعلم.

<<  <   >  >>