للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) (١) فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأرضاهم، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة.... ا. هـ (٢) . - والله أعلم - وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وآله وصحبه أجمعين.


(١) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (١/٩٢، ٩١) ، كتاب الإيمان، حديث رقم (٣٧، ٣٥) . ذكر قيام رمضان في رواية، وقيام ليلة القدر في رواية أخرى. وكذلك رواه مسلم في صحيحه (١/٥٢٤، ٥٢٣) ، كتاب صلاة المسافرين، حديث رقم (٧٥٩، ٧٦٠) .
(٢) - يراجع: التحذير من البدع ص (١٥، ١٦) .

<<  <   >  >>