للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم، وعلى جميع الناس، وعلى ما بين ذلك.

الخطاب بالظاهر يًُراد به غير الظاهر، مثاله: قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} (١) ، فإنهُ لمَّا قال: {كَانَتْ ظَالِمَةً} دلَّ على أن المراد أهلها.

فإذا ثبت هذا، فيجب على الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولاً وفروعاً أمران:

أحدهما: ...

أن لا يتكلم في شيء من ذلك حتى عربياً أوكالعربي، عالماً بلسان العرب بالغاً فيه ما بلغ العرب، أو ما بلغ أئمة اللغة المتقدمون (٢) ، وليس المراد أن يكون حافظاً كحفظهم وجامعاً كجمعهم، وأنَّما المراد أن يصير فهمه عربياً في الجملة.

ثانيهما:

إذا أشكل عليه لفظ في الكتاب أو في السنة، فلا يقدمُ على القول فيه دون أن يستظهر بغيره، ممن له علم بالعربية، فقد يكون إماماً فيها ولكنه يخفى عليه الأمر في بعض الأوقات، فالأولى في حقه الاحتياط؛ إذ قد يذهب على العربي المحض بعض المعاني الخاصَّة حتى يسأل عنها، كما خفي على ابن عباس - رضي الله عنهما - معنى: {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ} حتى قال أحد الأعراب في خصومة في بئر: أنا فطرتها، أي: أنا ابتدأتها (٣) .

ومن الأمثلة على تحريف المعاني القرآنية للقصور في اللغة وفي فهم أساليها:

قول من زعم أنه يجوز للرجل نكاح تسع من الحلائل، مستدلاً بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} (٤) ، حيث جمع أربعة إلى ثلاثة إلى اثنين فنتج تسعاً ولم يشعر بمعنى فعال ومفعل في كلام العرب وأن معنى الآية: (فانكحوا إن شئتم اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً (٥) . (٦)


(١) - سورة الانبياء: الآية١١.
(٢) - مثل الخليل بن أحمد، وسيبويه، والكسائي، والفرَّاء.
(٣) - يراجع: تفسير ابن كثير (٣/٥٤٦) ، تفسير سور فاطر.
(٤) - سورة النساء، الآية: ٣.
(٥) - يراجع: تفسير ابن كثير (١/٤٥٠) ، تفسير سورة النساء.
(٦) - يراجع: الاعتصام للشاطبي (٢/٢٩٣- ٣٠٤) ، ويراجع: البدعة والمصالح المرسلة ص (١٢٥- ١٣١) .

<<  <   >  >>