للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الثاني: الجهل بالمقاصد.

مما يجب على الناظر في الشريعة الإسلامية أمران:

الأمر الأول:

أن يعتقد فيها الكمال لا النقصان، وأن يرتبط بها ارتباط طاعة وثقة وإيمان في عباداتها وعاداتها ومعاملاتها، وأن لا يخرج عنها؛ لأن الخروج عنها مروق من الدين، لأنه قد ثبت كمالها وتمامها، فالزائد عليها أو المنقص منها هو المبتدع.

فالشريعة قد جاءت كاملة، والدين قد أتمه الله ورضية لنا، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} (١) .

والرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢) . وقد جاء بالرسالة الجامعة الخاتمة، فيستحيل أن يترك الله الناس بغير بيان، وبغير مرشد وهو القائل سبحانه: { ... مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (٣) . إلا إذا كان شرعه باقياً صالحاً كافياً كاملاً، حجَّة على هذه الدهور إلى يوم القيامة، وقد صرح سبحانه وتعالى بحفظه للرسالة، حتى تكون الحجة سليمة بعيدة عن الشكوك والريب والظنون، وتظل تعاليمها صافية ناصعة، لا تمسها يد الإنسان ولا فكره السقيم وهواه الشارد، فقال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٤) .

فبعد هذا كله، يجب الانقياد لهذه الشريعة والاعتقاد الجازم بكمالها ووفائها بما تتطلبه الحياة دائماً وأبدأً إلى ما شاء الله. واعتقاد غير هذا ضرب من المروق والابتداع.

الأمر الثاني: ...

أن القرآن لا تضاد بين آياته ولا بين الأحاديث النبوية، ولا بين أحدهما مع الآخر، بل الجميع يصدر من نبع واحد، ويخرج من مشكاة واحدة، وينتظمه شرع واحد، وغاية واحدة. فإذا جهل إنسان هذا، أداة جهله إلى الشذوذ والخروج والابتداع، وبيان ذلك:


(١) -سورة المائدة: الآية٣.
(٢) -سورة الأحزاب: الآية٤٠.
(٣) - سورة الاسراء: الآية١٥.
(٤) - سورة الحجر:٩.

<<  <   >  >>