للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله (١) . ا. هـ (٢) .

السبب الثالث: تحسين الظن بالعقل:

من أسباب حدوث البدع تحسين الظن بالعقل، وبيان ذلك من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول:

أن الله جعل للعقول في إدراكها حدّاً تنتهي إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبيلاً إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري سبحانه وتعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون؛ إذ لو كان كيف يكون؟

فعلم الله لا ينتهي، وعلم العبد ينتهي، وما ينتهي لا يساوي ما لا ينتهي.

وقد دخل في هذه الكلية ذوات الأشياء جملة وتفصيلاً، وصفاتها وأحوالها، وأفعالها وأحكامها، جملة وتفصيلاً.

فالشيء الواحد من جملة الأشياء يعلمه الباري تعالى على التمام والكمال، بحيث لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أحواله ولا في أحكامه، بخلاف العبد؛ فإنَّ علمه بذلك الشيء قاصر ناقص، وهذا في الإنسان أمر مشاهد محسوس لا يرتاب فيه عاقل.

إن المعلومات عند العلماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

١- قسم ضروري: لا يمكن التشكيك فيه كعلم الإنسان بوجوده، وأن الواحد أكثر من الاثنين.

٢- وقسم لا يعلمه البتة إلا أن يُعلم به، أو يجعل له طريق إلى العلم به: وذلك كعلم المغيبات عنه، سواء كانت قريبة منه أو بعيدة عنه.

٣- قسم نظري: يمكن أن يعلمه وممكن أن لا يعلمه، وتلك هي الممكنات التي تدرك


(١) - يراج: صحيح البخاري المطبوع مع فتح الباري (٨/٥٥٥- ٥٥٩) ، كتاب التفسير. وقد رواه البخاري تعليقاً، ثم قال في آخره: (حدثني يوسف بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بهذا) - ورواه المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -.
(٢) - يراجه: الاعتصام للشاطبي (٢/٣٠٤- ٣١٧) ، وكذلك البدعة والمصالح المرسلة ص (١٣٣- ١٤٢) .

<<  <   >  >>