للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر)) (١) .

وجه الدلالة من الحديث:

أن العيدين الجاهلين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: ((إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين)) ، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه؛ إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما، كقوله سبحانه وتعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} (٢) . وقوله تعالى: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} (٣) . وقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} (٤) . وقوله تعالى: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} (٥) .

ومنه الحديث في المقبور: ((فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به خيراً منه مقعداً في الجنة)) (٦) .

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما)) يقتضي ترك الجمع بينهما لاسيما وقوله ((خيراً منهما)) يقتضي الاعتياض بما شرع لنا، عما كان في الجاهلية.

وأيضاً فقوله لهم: ((إن الله قد أبدلكم)) لما سألهم عن اليومين فأجابوا: بأنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية، دليلٌ على أنه نهاهم عنهما اعتياضاً بيومي الإسلام؛ إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسباً؛ إذ أصل شرع اليومين الإسلاميين كانوا يعلمونه، ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية.

وفي قول أنس - رضي الله عنه -: ((ولهم يومان يلعبون فيهما)) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منها: يوم الأضحى ويوم الفطر)) دليل على أن أنساً -رضي الله عنه- فهم من


(١) - رواه أحمد في مسنده (٣/١٠٣) . ورواه أبو داود في سننه (١/٦٧٥) كتاب الصلاة، حديث رقم (١١٣٤) . ورواه النسائي في سننه (٣/١٧٩، ١٨٠) كتاب العيدين. ورواه الحاكم في المستدرك (١/٢٩٤) كتاب العيدين، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في تلخيصه.
(٢) -سورة الكهف: الآية٥٠.
(٣) -سورة النساء: الآية٢.
(٤) -سورة البقرة: الآية٥٩.
(٥) -سورة سبأ، الآية: ١٦.
(٦) - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (٣/ ٢٣٢) كتاب الجنائز، حديث رقم (١٣٧٤) . ورواه مسلم في صحيحه (٤/ ٢٢٠٠، ٢٢٠١) كتاب الجنة، وحديث رقم (٢٨٧٠) .

<<  <   >  >>