للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهما ثالثاً.

فعلى هذا من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وأمَرهُ بشيءٍ أو نهاهُ عن شيءٍ فيتعين عليه عرض ذلك على الكتاب والسنة؛ إذ أنه عليه الصلاة والسلام إنما كلف أمته باتباعهما. فإذا عرض رؤياه على شريعته صلى الله عليه وسلم فإن وافقتها علم أن الرؤيا حق، وأن الكلام حق وتبقى الرؤيا تأنيساً له، وإن خالفتها، عَلِم أن الرؤيا حق، وأن الكلام الذي وقع له فيها ألقاه الشيطان له في ذهنه والنفس الأمارة؛ لأنهما يوسوسان له في حال يقظته، فكيف في حال نومه! .

ولو كان المنام مما يتعبد به لبيَّنهُ صلى الله عليه وسلم، أو نبَّه عليه أو أشار إليه ولو مرة واحدة كما فعل في غيره (١) .

ويحكى أن شُريك بن عبد الله القاضي، دخل على المهدي، فلما رآه قال: علي بالسيف والنطع، قال: ولِم يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت في منامي كأنك تطأ بساطي وأنت معرض عني، فقصصت رؤياي على من عبرها، فقال لي: يُظهر لك طاعة ويضمر معصية، فقال له شُريك: والله ما رؤياك برؤيا إبراهيم الخليل- عليه السلام- ولا أن معبرك بيوسف الصديق -عليه السلام -، فبالأحلام الكاذبة تضرب أعناق المؤمنين؟ فاستحيا المهدي، وقال: اخرج عني (٢) .

السبب التاسع: الغلو في بعض الأشخاص.

ومن أسباب الابتداع أيضاً التغالي في تعظيم الشيوخ والأشخاص إلى درجة


(١) - يراجع: المدخل لابن الحاج (٤/٢٨٦-٢٨٨) .
(٢) - يراجع: الاعتصام (١/٢٦١، ٢٦٢) .

<<  <   >  >>