للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك بتطبيق ما علمه الإنسان من السنة على سلوكه في جميع مجالات الحياة، فتطبيق السنة يجعل البدعة أمراً منكراً في المجتمع، تظهر ملامحها البشعة ومظهرها السيء، وتدل بنفسها على ما تحمله من قبح وتهديد للإسلام والمسلمين، فيجعل الناس ينفرون من البدع، لعدم قبول الناس وموافقتهم لمرتكب البدعة، ولما كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يطبقون السنة في جميع تصرفاتهم وأفعالهم لم تظهر فيهم البدع، وإذا ظهرت قُضي عليها مباشرة؛ لأن المبتدع بفعله البدعة قد شذَّ عن المجتمع الذي يعيش فيه، فتكون مقامته سهلة، ولكن في آخر الزمان يختلف الوضع، فيكون المتمسك بدين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كالقابض على الجمر، ويكون حيداً غريباً في مجتمعه، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء)) (١) .

٣- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

البدع في بدايتها تكون صغيرة ثم تكبر، يبدعها فرد وسرعان ما يلتف حوله أهل الأهواء، لموافقة هذه البدعة أهواءهم وشهوة أنفسهم، أو أن هذه البدعة تريحهم من بعض تكاليف الشرع. فما هو الموقف الواجب اتخاذه؟.

الجواب على ذلك هو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد أوجبه الله علينا بقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) . فقد أوجب الله علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الكفاية. فلا يجب على كل أحد بعينه، فإذا لم يقم به يقوم بواجبه، أثم كل قادر بحسب قدرته؛ إذ هو واجب على كل إنسان بحسب قدرته، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف


(١) - رواه الإمام أحمد في مسنده (١/٣٩٨) . ورواه مسلم في صحيحه (١/١٣٠) كتاب الإيمان، حديث رقم (١٤٥) . ورواه الترمذي في سننه (٤/١٢٩) أبواب الإيمان، حديث رقم (٢٧٦٤) ، وقال: حديث حسن غريب صحيح. ورواه ابن ماجه في سننه (٢/١٣١٩، ١٣٢٠) كتاب الفتن، حديث رقم (٣٩٨٦) .
(٢) - سورة آل عمران:١٠٤.

<<  <   >  >>