للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٨- وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه (١) ، فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير, ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك (٢) من عقد الإيمان، وأصول المعرفة، والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته (٣) ، كما قال تعالى في كتابه: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان: ٢] وقال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} [الأحزاب: ٣٨] .

فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً، وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً، لقد التمس (٤) بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً. وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً.


(١) ...هذا فيه رد لما ذهب إليه غلاة المعتزلة الذين أنكروا كون الله تعالى عالماً في الأزل وقالوا إن الله تعالى لا يعلم أفعال العباد، حتى يفعلوها، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، قال الله تعالى {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤] . (م)
(٢) ...الإشارة إلى ما تقدم من الإيمان بالقدر، وسبق علم الله تعالى بالكائنات قبل خلقها. (م)
(٣) ...قوله والاعتراف بتوحيد الله وربوبيته، أي لا يتم التوحيد والاعتراف بالربوبية إلا بالإيمان بصفات الله تعالى. فإن من زعم خالقاً غير الله فقد أشرك فكيف بمن زعم أن كل أحد يخلق فعله، ولهذا كانت القدرية مجوس هذه الأمة. (م)
(٤) ...وقوله لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً أي بوهمه في البحث عن البعث سراً مكتوماً؛ إذ القدر سر الله في خلقه؛ فهو يروم ببحثه الاطلاع على الغيب. وقد قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} وقوله وعاد بما قال فيه أي في القدر أفاكاً أثيماً أي مأثوماً. اهـ شرح. (م)

<<  <   >  >>