للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتيبة يتّهم بالزّندقة ويقولون: كلّ بيت ليس فيه شيء من تصنيفه فلا خير فيه.

قُلْت: ويقال هو لأهل السنة مثل الجاحظ للمعتزلة، فإنَّه خطيب السنة كما أنَّ الجاحظ خطيب المعتزلة» (١).

وعلى التّنزل مع صاحب الشّبهة فإنّه يُفهم من الآية أنّ النّصارى قد أشركوا بعيسى بن مريم - عليه السلام - الإله باعتقادهم- حين اتخذوا الأحبار والرّهبان أرباباً من دونه!

وإذا تخلّى صاحب هذا القول عن منهج بتر العبارات عن سياقاتها فإنّه سيجد في الآية السّابقة للآية التي ذكرها إنكار المولى - جل جلاله - على النّصارى اعتقادهم بنوّة المسيح لله مضاهاةً لقول من سبقهم من الأمم الكافرة (٢).

وسوف يجد في تتمة الآية التي اجتزأ بعضها إخبار الله تعالى أنّه لم يأمر اليهود والنّصارى إلا بتوحيده سبحانه، وعدم الإشراك به واتخاذ الآلهة معه (٣).

ثاني عشر: عدم الفصل بين الإسلام بوصفه ديناً، وفعل المسلمين وواقعهم. ولهذا تؤخذ سلوكيات بعض المنتسبين للإسلام لتُنسب إلى الدين.

وهذا الأسلوب يكثر طرقه من قبل المنصرين في غرف المحادثة. ومن ذلك ما أعقب حادث تفجير كنيسة القديسين بإسكندرية مصر، صبيحة أول العام الميلادي ٢٠١١.

فقد ضجت الغرف النصرانيّة قاطبة باتهام المسلمين بهذا الفعل، وأنَّ ذلك ليس إلا تطبيقاً لتعاليم دينهم الدموي الإرهابي، الذي جعل هذا الفعل أمراً واجباً، ورتب عليه دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب؛ كما ذكروا. ثم تباروا في إيراد كل آية أو حديث ورد فيه ذكر


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٧/ ٣٩١ - ٣٩٢.
(٢) وذلك قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}. سورة التوبة، الآية ٣٠.
(٣) تمام الآية قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}. سورة التوبة، الآية ٣١.

<<  <   >  >>