للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفحةً من أنقى الصفحات وأسطعها في تاريخ أوروبا في العصور الوسطى. وقد امتد تأثيرها من ولاية بروفانس إلى الممالك الأوروبيّة الأخرى، وأتت بنهضة جديدة في الشعر والثقافة، ومنها تلقى طلاب العلم المسيحيون من الفلسفة اليونانيّة والعلوم ما أثار في نفوسهم النّشاط العقلي حتى جاء عصر النهضة الحديث» (١).

الأمر السّابع: من المتقرر لدى المسلمين قاطبة -إلا مَن شذَّ من المبتدعة- فضلُ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعدالتُهم، وسبقُهم في الفضائل والمحاسن.

قال المزني (٢) - رحمه الله -: «ويقال بفضل خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فهو أفضل الخلق وأخيرهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونثني بعده بالفاروق، وهو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ فهما وزيرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وضجيعاه في قبره، ونثلث بذي النورين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، ثم بذي الفضل والتقى علي بن أبي طالب ? أجمعين.

ثم الباقين من العشرة الذين أوجب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنّة، ونُخْلص لكل رجل منهم من المحبة بقدر الذي أوجبَ لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التفضل، ثم لسائر أصحابه من بعده ? أجمعين.

ويُقال بفضلهم، ويُذكرون بمحاسن أفعالهم، ونمسك عن الخوض فيما شجر بينهم؛ فهم خيار أهل الأرض بعد نبيهم، ارتضاهم الله - عز وجل - لنبيه، وجعلهم أنصاراً لدينه، فهم أئمة الدين، وأعلام المسلمين ? أجمعين» (٣).

يُساق هذا التقرير لمن يطعن في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتخذ من ذلك طريقاً للطعن في كتاب الله الكريم، لأنّه لم يصل إلينا إلا عن طريقهم، فهم المتلقون له من النبي - صلى الله عليه وسلم -، المبلغونه مَنْ بعدهم. وهم أصحابُ الجمع الأول على عهد الصديق، وأصحابُ الجمع الثاني على


(١) انظر: قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل، ص٣٣١ - ٣٣٢.
(٢) هو أبو إبراهيم، إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني المصري، تلميذ الشّافعي. ولد سنة ١٧٥هـ ومات بمصر سنة ٢٦٤هـ. كان إماماً في الفقه، وصاحب عبادة وزهد وورع. وكان سلفيّ المعتقد، ذا تأثر كبير بشيخه الشّافعي. انظر ترجمته لمحقق كتابه شرح السنة؛ جمال عزّون، ص١٧ - ٥٠.
(٣) انظر: شرح السنة، المزني، ص٨٧ - ٨٨.

<<  <   >  >>