للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عهد ذي النورين، ? أجمعين.

والعجبُ الذي لا ينقضي، ممن يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره، فإنّ النّصارى يُعلون مكانة التّلاميذ الاثني عشر، ولا يرضون الطّعن فيهم، ثمّ لا يرون للمسلمين حقًّا في تقدير أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وهم في سبيل ذلك يغضون الطّرف عمّا ذكره المسيحُ نفسُه في حقّ هؤلاء الحواريين من من قلّة الإيمان، وعدم الفهم (١).

وقد وصفَ كبيرَ الحواريين بأنّه شيطانٌ، معثرةٌ للمسيح، مهتمٌّ بما للنّاس، غيرُ مهتمٍّ بما لله، وبأنّه سينكر معرفته بالمسيح ثلاث مرّات قبل أن يصيح الدّيك (٢).

وقد حدَث من التّلاميذ أنْ تركوه وهربوا في أحرج الأوقات كما يحكي العهد الجديد (٣).

فإذا صحَّ أنْ يبقى لهؤلاء التّلاميذ قَدْرُهم مع ما بدر منهم، ومع توبيخ المسيحِ لهم، فكيف تُنزع مكانةُ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد فدوه بالأنفس والأهل والأموال، ومات وهو عنهم راض؟!

الأمر الثامن: لقد سار المسلمون في فهم كتاب ربهم جلّ وعلا على منهجٍ مستقيمٍ ثابتٍ أرشدهم إليه منزلُ هذا الكتاب - سبحانه وتعالى -.

وخلاصةُ هذا المنهج؛ أنَّ القرآن فيه المحكمُ الذي يَسهل فهم المراد منه لكلِّ أحد، والمتشابهُ الذي لا يعلمه إلا الراسخون في العلم، كما في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا


(١) مرقس ٩: ١٩، و٩: ٣٢.
(٢) متّى ١٦: ٢٣، و٢٦: ٣٤.
(٣) متّى ٢٦: ٥٦.

<<  <   >  >>