للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (١).

والمنهج السليم ردُّ المتشابه إلى المحكم لأنّ الكل من لدن حكيم عليم، فلا يُتصور وجود تضاد أو اختلاف: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٢).

قال ابن كثير في تفسير آية آل عمران: «يخبر تعالى أنّ في القرآن آيات محكمات هنّ أمّ

الكتاب، أي: بيّناتٌ واضحات الدّلالة، لا التباس فيها على أحدٍ من النّاس، ومنه آياتٌ أخر فيها اشتباهٌ في الدّلالة على كثيرٍ من النّاس أو بعضهم، فمن ردّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكّم محكمه على متشابهه عنده فقد اهتدى، ومن عكس انعكس» (٣).

وضدُّ هذا المنهج هو سبيل الأمم الهالكة التي نهجت مصادمة الآيات ببعضها، وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه وهم يختصمون في القدر، فكأنما يُفقأ في وجهه حَبُّ الرُّمَّان من الغضب، فقال: (بهذا أُمرتم، أو لهذا خُلقتم، تَضربون القرآنَ بعضَه ببعض، بهذا هَلكت الأممُ قبلكم) (٤).

الأمر التّاسع: أنّ من أسس العقيدة الإسلاميّة الإيمان بكل كتب الله المنزلة على رسله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (٥). وأنّ من هذه الكتب صحف إبراهيم، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وزبور داوود؛ عليهم وعلى نبينا الصلاة والسّلام.


(١) سورة آل عمران، الآية ٧.
(٢) سورة النساء، الآية ٨٢.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٦.
(٤) رواه ابن ماجة وقال الألباني حسن صحيح. انظر له: صحيح سنن ابن ماجة ١/ ٤٦ - ٤٧.
(٥) سورة البقرة، الآية ٢٨٥.

<<  <   >  >>