للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي نقرأ به الآن- ثم أَمر بسائر المصاحف فأُحرقت لئلا تبقى فيفتتن النَّاس بها، فكان في ذلك مصلحة عظيمة، وفضيلة لأمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - لا توصف، فنسأل الله تعالى أن يجزيه عن المسلمين خيراً» (١).

وقد لقي جمعُ عثمان إجماعَ الصحابة ورضاهم، ومن المنقول عن علي - رضي الله عنه - قوله: "يا معشر الناس اتقوا الله وإياكم والغلو في عثمان وقولكم: حراق مصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف

مثل الذي فعل عثمان" (٢).

قال البغوي في شرح السنة: «فاستشار عثمانُ الصحابةَ في ذلك، فجمع اللهُ سبحانه وتعالى الأمةَ بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد هو آخر العرضات من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان أبو بكر الصديق أمر بكتابته جمعاً بعد ما كان مفرقاً في الرقاع بمشورة الصحابة حين استحر القتل بقراء القرآن يوم اليمامة، فخافوا ذهاب كثير من القرآن بذهاب حملته، فأمر بجمعه في مصحف واحد، ليكون أصلاً للمسلمين، فيرجعون إليه ويعتمدون عليه، فأمر عثمانُ بنسخه في المصاحف، وجَمَعَ القومَ عليه، وأَمَرَ بتحريق ما سواه، قطعاً لمواد الخلاف ..

فأمَّا القراءة باللغات المختلفة؛ فما يوافق الخط والكتاب، فالفسحة فيها باقية، والتوسعة قائمةٌ بعد ثبوتها وصحتها بنقل العدول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، على ما قرأ به القراء المعروفون بالنقل الصحيح عن الصحابة - رضي الله عنهم -» (٣).

وأمّا الطعن في الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - فيرده ما تقدم في الأمر السابع من الرد المجمل (٤). وكل ما ذكر عنه من إساءة إلى حفصةَ أو زيدٍ أو محمدِ بن أبي بكرٍ محضُ كذبٍ وافتراء.

بل الثابت أنّ جمع القرآن كان بإجماع الصحابة ?، وأنّ الصحف التي كانت عند


(١) انظر: شرح رياض الصالحين، محمد بن صالح العثيمين ٤/ ٦٣٥.
(٢) انظر: مناهل العرفان، الزرقاني ١/ ٢١٤.
(٣) انظر: شرح السنة، البغوي ٤/ ٥١١.
(٤) انظر صفحة ٢٢٤.

<<  <   >  >>