للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفصة طلبها عثمان ثم ردها إليها بعد نسخها، وكانت بخط زيدٍ إبّانَ الجمعِ الأولِ على عهدِ الصديقِ - رضي الله عنه - (١)، وقد انتقلت بعد وفاة أبي بكرٍ إلى عمرَ ثم إلى ابنته حفصةَ لأنها كانت وصيَّتَه (٢).

وقد بقيت الصحف التي عند حفصةَ على حالها إلى أنْ توفيت فأرسل والي المدينة مروانُ

بن الحكمِ (٣) إلى عبد اللهِ بن عمرَ (٤) - رضي الله عنه - يطلبها، ثم أعدمها خشيةَ أن يقع لأحدٍ منها توهّمُ أنَّ فيها ما يخالف المصحفَ الذي استقرَّ عليه الأمر (٥).

وأمّا ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنّه قال يوم استحر القتل بقراء اليمامة: (ذهب اليوم قرآن كثير) فرواية مكذوبة عليه؛ يدفعها «تظاهر أبي بكر وعمر وجماعة من الصحابة على جمع القرآن وعرضه، وتدوين عمر له، وعرضه عرضة ثانية، وضبطه في الصحيفة التي خلفها عند ابنته حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذه النّاس بذلك، وتعريفهم أنَّه جميع الذي كان أنزله الله - سبحانه وتعالى - ..

ولا يمكن أن يكون المراد ذهاب شيء من القرآن فإنّ عمرَ يعلم أنّ الذين قُتلوا يوم اليمامة إنما أَخذوا ما أَخذوا عن أُبيّ وعبد الله بن مسعود وغيرهما من الحفظة» (٦).

وأمّا عدم كتابة آية الرّجم في المصحف فحجة على المشبِّه لا له؛ فإنّه لما كانت هذه الآية مما نزل من القرآن حفظها عمرُ وغيرُه من الصحابة، فقرأها أمام الصحابة ولم ينكر عليه أحد. ولما كانت منسوخةَ الرّسم باقيةَ الحكم لم تُضف للمصحف بدليل قول عمر:


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٥/ ٢٥٢.
(٢) انظر: فتح الباري، ابن حجر ٩/ ١٦.
(٣) هو أبو عبد الملك، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة القرشي الأموي. ولد بمكة، وولي المدينة غير مرّة لمعاوية، ومات خنقاً سنة خمس وستين، وقيل مات بالطّاعون. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣/ ٤٧٦ - ٤٧٩.
(٤) هو أبو عبد الرحمن، عبد الله بن عمر بن الخطاب. أسلم وهو صغير، وهاجر مع أبيه، واستصغر يوم أحد، ثم شارك يوم الخندق، وكان ممن بايع تحت الشجرة. روى علماً كثيراً نافعاً، وتوفي سنة ثلاث وسبعين، عن خمس وثمانين سنة، وقيل غير ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣/ ٢٠٣ - ٢٣٩.
(٥) انظر: فتح الباري، ابن حجر ٩/ ٢٠ - ٢١.
(٦) انظر: الانتصار للقرآن، الباقلاني ١/ ٣٩٩ - ٤٠٠.

<<  <   >  >>