للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثّالث: وأمَّا شبهة إتيانه - صلى الله عليه وسلم - زوجاته حال الحيض، ونكاحه مَن وهبت له نفسها، ووجوب قبول أي امرأة الزواج منه إن أعجبته، وتطليقها من زوجها إن كانت ذات زوج؛ فقد تقدمت الإجابة على هذه الأمور في الفصل الأول (١).

الأمر الرّابع: وأما قولهم بأنّ امرأة ماتت فاضطجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - معها، فيشيرون به إلى قصة وفاة فاطمة بنت أسد، أم علي بن أبي طالب ? أجمعين.

أسلمت هذه الصحابية بمكة، وهاجرت إلى المدينة، وكانت من كبار الصحابيات،

وتوفيت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وهذه الشبهة التي ذكروا فرية قبيحة، وتقبيح لزين الشمائل والفعال. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتبر هذه الصحابية أمًّا، ويذكر من جميل عنايتها به أنّها كانت تجوع ليشبع، وتؤثره باللباس، وتمنحه المحبة والشفقة.

فلما ماتت أظهر النبي الكريم صنوف الوفاء معها، والشفقة والرحمة بها، فنزع ثوبه وأمر أن يكون تحت أكفانها جزاء ما كانت تكسيه في حياتها، ونزل في قبرها وتمعَّك فيه رجاءَ أنْ يُفسحَ لها فيه، وتُقبلَ شفاعته فتنجو من ضمَّة القبرِ وفتنتِه.

وفي بعضِ الرِّوايات أنَّه اضطجعَ في قبرها بعد أنْ وُضعت فيه، وكان ذلك بمرأى الصحابة، ولذلك قالوا (رأيناك تصنع شيئاً لم تكن تصنعه مع أحد).

والناظر في حديث هذه القصة لا يستطيع إخفاء دهشته من عظيم وفائه ومحبته وكريم خلقه - صلى الله عليه وسلم -.

وكلُّ ما سبق على افتراض صحة الحديث، وإلا فإنَّ روايات الحديث فيها ضعف (٣).


(١) وذلك في المبحث الثالث منه، انظر صفحة ١٣٥.
(٢) انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، العيني ٢/ ١٤٧ و ١٦/ ٢١٤.
(٣) ممن حكى الضعف المحدث الألباني: حين ساق رواية الطبراني في الكبير والأوسط، التي نقل منها أبو نعيم في الحلية. انظر: السلسلة الضعيفة ١/ ٧٩ - ٨٢، وكذا رواية (جزاك الله من أم وربيبة خيراً، فنعم الأم ونعم الربيبة كنت لي، يعني فاطمة بنت أسد أم علي)؛ قال الألباني: ضعيف جداً. انظر: السلسلة الضعيفة ١١/ ٨٥١ - ٨٥٣.

<<  <   >  >>