للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: كان هذا الزواج بمشورة خولة بنت حكيم (١)، وقد كانت عائشة من قبلُ مخطوبةً لجبير بن مطعم بن عدي (٢)، وفي هذين الأمرين ما يدل على أنها كانت امرأة في سن الزواج، لا يضيرها صغر سنها.

رابعاً: يستنتج من الخطبة السّابقة لعائشة ?، ومن سكوت المشركين مع شدة

عدائهم، أنّ زواج المرأة في هذا السن كان معتاداً عند العرب، مألوفاً، غير مستنكر.

خامساً: في العقيدة النصرانيّة ما يشابه هذا ويزيد عليه، فإنّ مريم بنت عمران كانت في الثانية عشرة من عمرها عندما ولدت المسيح، وكانت إذ ذاك زوجةً أو خطيبةً ليوسف النجار -كما يعتقد بعض النصارى- وهو في التاسعة والثمانين من العمر، كما أوردته الموسوعة الكاثوليكية (٣). فيكون فرق العمر بينهما قرابة سبع وسبعين سنة، أي بزيادة اثنين وثلاثين عاماً على فارق السن بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وعائشة ?.

سادساً: كيف ينكر النصارى ويستقبحون زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - الموافق لعادة قومه، والذي كان معلناً، مستصحباً فيه رضى وقبول سائر الأطراف؛ ثم لا يستقبحون ما يعتقدون صحة نسبته إلى الأنبياء الكرام من عظائم القبائح التي تقشعر لذكرها الأبدان.

فهل اقتضت حكمة الله تعالى -عندهم- أن يختار لحمل رسالته من يصنع الأصنام ويعبدها، أو يشرب الخمور ويتعرى ويأتي زنا المحارم، أو يقر في أهله الدياثة لأجل حطام الدنيا الزائل، أو يحتال لقتل قائده المخلص ليأتي الفاحشة في أهله، وغير ذلك مما عصم الله منه أعداداً لا تحصى من خلقه، ثم لم يعصم منه أنبياءه كما يعتقدون ويرتلون في كتابهم المقدس.


(١) هي خولة بنت حكيم. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها فأرجأها فيمن أرجأ من نسائه. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٢/ ٢٦٠ - ٢٦١.
(٢) هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. من الطلقاء الذين حسن إسلامهم. قدم المدينة في فداء الأسارى من قومه، وكان موصوفاً بالحلم ونبل الرأي، وهو الذي أجار النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رجع من الطّائف. توفي سنة تسع وخمسين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣/ ٩٥ - ٩٩.
(٣) انظر: الرابط www.newadvent.org/cathen/٠٨٥٠٤a.htm

<<  <   >  >>