للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألوهيته، وعبادتهم له؛ فإنّ هذا كسابقه، لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يمكن أن تأتي الأحاديث بمثله.

والّذي جاءت به الأحاديث هو تحريم سجود العبادة لغير الله، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) (١).

ودخل النّبي - صلى الله عليه وسلم - حائطاً من حوائط الأنصار, فإذا فيه جملان يضربان ويُرعدان, فاقترب

منهما, فوضعا جرانهما بالأرض, فقال من معه: نسجد لك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما ينبغي أن يُسجد لأحد, ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه) (٢).

وأمّا سجود الاحترام والتّوقير فقد كان جائزاً عند الأمم السّابقة، ولهذا سجد أهل يوسف له، كما في قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (٣).

قال ابن كثير في تفسيرها: «أي: سجد له أبواه وإخوته الباقون، وكانوا أحد عشر رجلاً ..

وقد كان هذا سائغاً في شرائعهم إذا سلَّموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزاً من لدن آدم إلى شريعة عيسى - عليه السلام -، فحرِّم هذا في هذه الملة، وجُعل السجودُ مختصاً بجناب الرب - سبحانه وتعالى - ..

والغرض أنَّ هذا كان جائزاً في شريعتهم؛ ولهذا خروا له سجداً» (٤).

ولعل صاحب هذه الشبهة عنى ما ذكره أحد المنصرين حين تكلم في قناة فضائيّة فذكر أنّ المصادر الإسلاميّة تُثبت أنَّ أمّ يحيى - عليه السلام - وكانت حاملاً به قالت لمريم بنت عمران: (إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك)، تعني عيسى - عليه السلام -.


(١) رواه الترمذي وصححه الألباني، انظر له: صحيح سنن الترمذي ١/ ٥٩٣.
(٢) رواه الترمذي وابن حبّان والبيهقي، وحسّنه الألباني. انظر له: إرواء الغليل ٧/ ٥٤.
(٣) سورة يوسف، من الآية ١٠٠.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٤١٢.

<<  <   >  >>