للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) (١)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - (أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي) (٢).

الأمر الرّابع: وأمّا الاستدلال بحديث الشّفاعة على ألوهيّة المسيح باعتبار أنّه لم يخطئ

أو يذنب، فالأمر يحتاج لشيء من البسط.

حديث الشّفاعة من الأحاديث التي صحّت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان الشّفاعة الأولى لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي أعظم الشّفاعات، وهي المقام المحمود الذي ذكر الله - عز وجل - له، ووعده إيّاه، وأمرنا الرسول الكريم أن نسأله له بعد كلِّ أذان.

يشفع أولاً إلى الرّحمن في ... فصلِ القضاء بين أهل الموقف

من بعد أن يطلبها النّاس إلى ... كلِّ أولي العزم الهداةِ الفُضَلا (٣)

ويعتذر آدم ونوح وإبراهيم وموسى - عليهم السلام - عن هذه المهمة، ويذكر كلٌّ منهم ذنباً، ويعتذر عيسى - عليه السلام - ولا يذكر ذنباً، إلا أنّ هذا لا يدل على ألوهيته. بل المتأمل في الحديث يجد أنه حجّةٌ قويّةٌ على المستدل به على ألوهيّة المسيح، وذلك من الجوانب التّالية (٤):

أولاً: اعتراف عيسى - عليه السلام - بأنّه مربوب لا ربّ، وذلك في قوله (إنّ ربي).

ثانياً: إظهار عيسى - عليه السلام - الخوف من الله تعالى، والرب لا يخاف، وذلك في قوله: (إنّ ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله).

ثالثاً: إظهار عيسى - عليه السلام - حاجته لرحمة ربه، وذلك مفهوم من قوله (نفسي نفسي).

رابعاً: إرشاد عيسى - عليه السلام - للنّاس للذّهاب إلى غيره ليشفع لهم، ولو كان إلهاً ما احتاج


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)، ح٣٤٣٥، ص٨٥١.
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى (واذكر في الكتاب مريم)، ح٣٤٤٣، ص٨٥٣.
(٣) انظر: معارج القبول، حافظ الحكمي ٢/ ٢٦٠.
(٤) التأملات التّالية من رواية مسلم للحديث في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنّة منزلة فيها، ح١٩٤، ١/ ١١٠ - ١١١.

<<  <   >  >>