للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك، ولقام بالفصل بين النّاس ومحاسبتهم.

خامساً: اعتراف عيسى - عليه السلام - بأفضليّة محمد - صلى الله عليه وسلم - عليه، وذلك حين قال للمستشفعين: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد).

سادساً: في الحديث لم يُذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذنب، وأعطي الشّفاعة، فدل على أفضليته على سائر الرّسل عليهم الصلاة والسّلام.

سابعاً: في هذا الحديث الذي يحتجون به هنا ذِكْرُ أنّ عيسى - عليه السلام - أحدُ رسل الله، وأنّه كلّم النّاس في المهد صبيّا. ومع هذا فهم يكذبون بهذين الأمرين، فكيف يستدلون بحديث يكذبون بسائر جُمَلِهِ إلا جملةً واحدة.

ثامناً: جاء في روايةٍ أخرى لمسلم أنّ كل الخلق يرغبون يوم القيامة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لهم عند الله بفصل القضاء بما فيهم الأنبياء، وذلك فيما رواه مسلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنَّ ربي أرسل إليّ: أنِ اقرأِ القرآن على حرف، فرددت إليه: أنْ هوِّن على أمتي، فأرسل إليّ: أنِ اقرأه على حرفين، فرددت إليه: أن هوِّن على أمتي، فأرسل إليّ: أن اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل رَدة رددتكها مسألة تسألنيها، قلت: اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليّ فيه الخلق حتى إبراهيم) (١).

تاسعاً: في هذا الحديث بيان فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على سائر الخلق.

قال صاحب "فتح الباري" في فوائد حديث الشّفاعة: «تفضيل محمد - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلق، لأنَّ الرسل والأنبياء والملائكة أفضل مما سواهم، وقد ظهر فضله في هذا المقام عليهم» (٢).

عاشراً: من أين لهم أنّ عيسى - عليه السلام - لم يعمل خطيئة؟ فإنّ الذي في الحديث أنّه لم يذكر له خطيئة، وليس فيه أنّه لم تصدر عنه خطيئة. وحتّى مع ثبوت ذلك فمن أين لهم أنّ من لم


(١) رواه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بيان أنَّ القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه، ح٨٢٠، ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧.
(٢) انظر: فتح الباري، ابن حجر ١١/ ٤٤١.

<<  <   >  >>